جنبلاط يستعين بالجولاني لمحاربة أقوى رجل درزي في الشرق الأوسط
جنبلاط يستعين بالجولاني لمحاربة أقوى رجل درزي في الشرق الأوسط
في وقت ليس ببعيد، أكّد وليد جنبلاط أنّ الدروز في لبنان لا يمكنهم نسيان الدور التاريخي الذي لعبه آل طريف، وخاصة الشيخ أبو يوسف أمين طريف، الرئيس الروحي السابق لدروز إسرائيل، في تقديم الدعم للدروز خلال أصعب الفترات التي مروا بها. هذا الدور استمر مع خليفته الشيخ أبو حسن موفق طريف.
إلا أنّ جنبلاط، وكعادته في التناقض، عاد لينقلب على هذا الموقف. فقد بدأ بتوجيه انتقادات لاذعة تجاه دروز إسرائيل، واصفًا أبناءهم المنضوين في الجيش الإسرائيلي بـ”المرتزقة”، ومؤكدًا أنّ الشيخ طريف يمثل فقط الشريحة الدرزية في إسرائيل. السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي دفع جنبلاط إلى هذا التحول؟
مصادر مطّلعة تكشف أنّ هذا الانقلاب له دوافع محلية وإقليمية. فقد شهد دور الشيخ موفق طريف تناميًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد اندلاع الثورة السورية، حيث باتت أبواب البيت الأبيض والكرملين والإليزيه تُفتح أمامه بصفته ممثلًا للدروز عامةً. وفي سوريا تحديدًا، نجح الشيخ طريف في حماية دروز جبل الشيخ، وكان داعمًا رئيسيًا لدروز السويداء، في حين فشل جنبلاط في حماية دروز إدلب عام 2015 من المجازر التي استهدفتهم، خاصة في قلب لوزة، حيث هُدمت أماكن عبادتهم وصودرت ممتلكاتهم، رغم أنهم لبّوا دعوة جنبلاط للثورة ضد النظام.
صعود الشيخ طريف لم يعد خافيًا، بل حظي بتوصيف من إحدى العواصم الكبرى بأنه “أقوى رجل درزي في الشرق الأوسط”. هذا الوصف أثار قلق جنبلاط، الذي يرى نفسه الأحق بزعامة الدروز. وزاد من تعقيد المشهد أن الشيخ طريف، بفعل الروابط الدينية بين دروز لبنان وإسرائيل، أصبح يتمتع بنفوذ داخل المجتمع الدرزي في لبنان، خاصة بين رجال الدين. حتى أن أناشيد تمجّد عائلته ودوره تُكتب وتُغنّى على ألسنة شباب محسوبين على جنبلاط نفسه.
هذا القلق دفع جنبلاط، كما يبدو، إلى محاولة الاستعانة بأبو محمد الجولاني لمواجهة نفوذ طريف، مستهدفًا تحديدًا محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية. وفي الوقت الذي يحاول فيه جنبلاط تخويف الحكام الجدد في سوريا من التأثير الإسرائيلي، يبدو أن هدفه الحقيقي هو تسجيل نقاط في المنافسة مع طريف على زعامة الدروز، وليس الحفاظ على وحدة سوريا. إلا أن قادة السويداء الدينيين يرفضون أي وصاية درزية خارجية، جنبلاطية كانت أم غيرها، بعد سنوات من الهيمنة الإرسلانية والوهابية.