بالتفاصيل: ‘شفط’ المصارف للدولارات بالرسوم والعمولات ابتداء من 2022
“تقوم المصارف اللبنانية بعمليات “سطو” منظم على حسابات مودعيها، فتفرض رسوماً وعمولات وأموراً اخرى، تحت مسميات مُبتكرة، تستهدف اقتطاع جزء من أموال العملاء مهما كانت حساباتهم. تقوم بممارسات غير قانونية ولا أخلاقية بحق العملاء، في وقت يقف فيه القضاء موقف المتفرج، ولجنة الرقابة على المصارف في صفوف الدفاع الأمامية عن المصارف.
قد لا تكون المرة الأولى التي نعرض فيها الرسوم والعمولات غير القانونية التي تتقاضاها المصارف قسراً من جيوب عملائها. لكن ما يجب على العملاء معرفته هو أن المصارف تعتمد سياسة الاقتطاعات الدورية كأسلوب ونهج في عملها، يخولها رفع قيمة العمولات والرسوم بشكل مستمر، من دون أي مسوغ قانوني وأي تبريرات. وطبعاً، في غياب أي تقديمات وخدمات مقابل تلك العمولات والرسوم.
Blom وAudi
بعض المصارف عمّمت على مواقعها الإلكترونية نيتها رفع الرسوم
والعمولات ابتداء من شهر كانون الثاني من العام 2022، من بينها بنك لبنان والمهجر Blom Bank، الذي يتجه إلى رفع العمولات والرسوم التي يتقاضاها إلى 15 ألف
ليرة على الحسابات بالليرة، و8 دولارات من حسابات الدولار المحتجزة لديه، أو ما يسمونها بحسابات اللولار،
و4 دولارات من حسابات الدولار الفريش. ولا يكتفي المصرف بتلك العمولات،
فتحويلات الدولار من الخارج يقتطع منها أيضاً 10 دولارات بالحد الأدنى،
وتتصاعد مع قيمة المبلغ. ويُضاف إليها رسوم على كل عملية سحب.
تتقاضى غالبية المصارف رسوماً وعمولات تحت تسميات عديدة، منها رسوم الخدمات
وتكلفة الرسائل والرسوم الشهرية والعمولات
على التحويلات وغيرها..
وقد أضاف بنك عودة Audi Bank إليها تسمية جديدة هي ختم السحوبات أو مصادقة السحوبات. ويقتطع بنك عودة نسبة عالية من قيمة التحويلات تبدأ من 20 في الألف،
و5 دولارات كرسم على عمليات السحب الفريش، و6 دولارات رسم خدمة،
ودولار واحد للرسائل، و3 دولارات رسماً شهرياً.. وأي خدمات هي تلك التي يتقاضى عليها المصرف بدل 6 دولارات؟!
الشكاوى التي تصدر عن عملاء بنك عودة تفوق بأعدادها ونوعيتها
كل شكاوى المصارف. فبنك عودة غالباً ما يكون السبّاق بين المصارف
بممارسات غير قانونية. وأحدثها أن البنك المذكور أبلغ مودعيه الذين
يودعون شيكات في حساباتهم بوقف هذه العمليات! بمعنى أن صاحب الحساب
في بنك عودة لم يعد بإمكانه إيداع شيك في حسابه. وبالتالي،
عليه بيعه لتجار السوق السوداء، الذين بدورهم يعيدون الشيكات إلى المصرف عينه.
لا خدمات مصرفية يتم تقديمها مقابل تلك العمولات والرسوم والاقتطاعات.
ويجزم المحامي من رابطة المودعين، فؤاد الدبس، في حديث إلى “المدن”،
بعدم قانونية ممارسات المصارف، خصوصاً أنها تقوم بتعديل العقود المبرمة مع العملاء
، لكن من طرف واحد. أي من دون الاستحصال على موافقة العميل. وهذا أمر غير قانوني.
وإذا كانت المصارف تقتطع الرسوم والعمولات يميناً ويساراً،
فإن بنك سوسيتيه جنرال وصل به الأمر إلى اقتطاع عمولات على الحسابات الفرعية sub accounts. وهي الحسابات التي شدد مصرف لبنان بأكثر من تعميم له بإعفائها من أي رسوم.
وليس ذلك وحسب، فمصرف Sgbl يفرض خوّات على المستفيدين من التعميم 158 بقيمة 5 دولارات نقداً، على الرغم
من عدم أحقية ولا قانونية الإجراء. فالتعميم 158 واضح لجهة إعفاء المستفيدين منه من أي عمولات.
أما الحسابات الدولارية المحتجزة لدى Sgbl فتخضع لاقتطاعات شهرية بقيمة 4 دولارات، وهو إجراء يفوق
كل ما عداه وقاحة وبطشاً. فالمصارف تضع يدها عنوة على حسابات المودعين الدولارية،
وتقتطع منها قسراً عمولات ورسوم شهرية،
بالإضافة إلى رسوم خدمات وغيرها.
ولا تنجو الحسابات
بالليرة من تسلّط Sgbl، فيقتطع منها شهرياً 6 آلاف ليرة وعلى كل عملية سحب 1500 ليرة. كذلك تخضع عمليات إيداع الشيكات المصرفية لعمولات منها الشيك اللبناني بقيمة 10 آلاف ليرة، وتوطين الفواتير 10 آلاف ليرة،
وشيكات الدولار المصرفي (اللولار) بقيمة 7 دولارات.
Bank of Beirut وBank Med
أما بنك بيروت، فتخضع الحسابات الدولارية الفريش والتحويلات لديه لعمليات
اقتطاع ترقى إلى مستوى السرقة. فيفرض 20 دولاراً على الحوالات بالدولار من الخارج، و 4 دولارات شهرية كرسوم حساب،
وعلى كل عملية سحب من الدولارات عينها يقتطع 7 بالألف و17 بالـ2000 دولار،
وكذلك تصاعدياً. بمعنى آخر يحاول المصرف كما بقية المصارف أن يستنزف ما استطاع إليه من كل دولار
يرد إلى حسابات عملائه، ضارباً عرض الحائط كل القوانين وأصول العمل المصرفي.
وكما BOB كذلك بنك البحر المتوسط Bank med،
الذي يقتطع رسوماً شهرية بقيمة 10 دولارات من الحسابات الفريش،
ومثله Fransabank الذي يفرض عمولات على المستفيدين من التعميم 158، ويحسم من حساباتهم 2 دولار فريش.
من يُحاسب؟
أين القضاء من ممارسات المصارف غير القانونية؟ أين لجنة الرقابة على المصارف؟
يقول الدبس، قبل الإجراءات القضائية هناك دور للجنة الرقابة على المصارف، التي تعنى بمراقبة المصارف بالدرجة الأولى.
وليس ذلك وحسب، بل هي تتضمن مكتب لحماية العملاء ومراقبة ممارسات المصارف.
من هنا، لم تعد لجنة الرقابة تقوم بمهامها بمراقبة المصارف، بل باتت تعنى بالدفاع عن المصارف. أما بالنسبة للقضاء
“فالمودعون لم يعد لديهم ثقة بالقضاء. أضف إلى أن القضايا باتت تأخذ وقتاً طويلاً في المحاكم.
ناهيك عن أن بعض المصارف تتخذ إجراءات بإغلاق الحسابات رداً على الدعاوى بحقها.
هذا الواقع جعل القضاء معطلاً كلياً لأنه بات عاجزاً عن مواجهة المصارف،
باستثناء بعض القضاة الذين أخذوا قرارات بارزة جداً ومنصفة. لكن بكل أسف يتم إبطالها لاحقاً”.
لجنة رقابة “على مَن”؟
يسأل أحد عملاء البنك اللبناني الفرنسي BLF كيف يمكن أن يفرض المصرف عمولات على حساباتنا المُحتجزة؟
هذا السؤال الذي
يعبّر عن آلاف العملاء في شتى المصارف، توجّهت به “المدن” إلى أحد أعضاء
لجنة الرقابة على المصارف، الذي يصر على عدم ذكر اسمه
، ويوضح أن لجنة الرقابة على المصارف لم تتوان لحظة عن متابعة ومراقبة السوق،
بما فيها إجراءات المصارف. وهي همّها أن تكون العمولات والرسوم ضمن المعقول.
وما هو هذا المعقول؟ يقول إن المصارف تتكلف على التحويلات من الخارج، ولديها التزامات
تجاه مصرف لبنان. فاللجنة تدرس كل تلك الأمور وتقرر فيما إذا كانت العمولات منصفة أم غير منصفة.
و”نحن مواكبين مسألة العمولات والرسوم في المصارف. لكن هناك تكاليف. فسعر صرف الدولار يرتفع باستمرار”.
وهل الرسوم والعمولات على الحسابات مرتبطة بسعر صرف الدولار؟ يقول وبكل جرأة: نعم،
هناك تكاليف كبيرة تزيد على المصارف. فعلى سبيل المثال هناك موظفون في المصارف،
ومنهم موظف المعلوماتية IT يتقاضون رواتبهم بالدولار.
إذاً، يُستشف من حديث لجنة الرقابة على المصارف أنها تغطي ممارسات المصارف
الهادفة إلى تحصيل نفقاتها التشغيلية، بما فيها رواتب موظفيها، من الرسوم
والعمولات والخوّات المفروضة على الزبائن. تدعي التدقيق بالعمولات والرسوم
وتحديد ما إذا كانت محقة أم غير محقة، وتلعب في الوقت عينه الدور المُدافع
عن المصارف. وهل سمعتم يوماً عن أن لجنة الرقابة على المصارف فرضت
على مصرف إسقاط عمولة غير قانونية أو إلغاء رسم غير مبرّر؟
المصدر: موقع المدن