تجارة الـ pcr: بين 180 ألف ليرة و2,5 مليون ليرة
بقلم راجانا حمية – الاخبار
الـ pcr أصبح «مزراب» ربح لبعض المختبرات والمستشفيات. بحجة «أكلاف تشغيلية» غير منطقية، باتت كلفة الفحص المزعج شديدة «الإزعاج»، إذ تصل في بعض المختبرات إلى مليونين ونصف مليون ليرة، علماً أن الحد الأقصى الذي وضعته نقابة أصحاب المختبرات لا يتجاوز الـ200 ألف ليرة. ولأن الفحص أصبح تجارة مربحة، نوّعت المختبرات في الـ«أوفرات» التي تقدّمها: فحص لـ«الناس العاديين»، فحص للمسافرين، فحص بنتيجة سريعة، فحص «دليفري»… علماً أن معظم الفحوص تتشابه و«لا أفضلية لواحدٍ على آخر»، على ما تؤكد مصادر طبية
فحص الـpcr بات سلعة تخضع للمزاج والعرض والطلب، لا للحدّ الأقصى الذي وضعته نقابة أصحاب المختبرات وحددت بموجبه الكلفة بـ200 ألف ليرة. هذه التسعيرة لم يعد معمولاً بها إلا في عددٍ قليل من المختبرات، فيما عدّلت أخرى، وهي كثيرة، الكلفة بحجّة أنها «ما عادت توفّي». لذلك، أصبحت لكل مختبر تسعيرته الخاصة بناء على «أكلافه التشغيلية» غير المنطقية. مع ارتفاع سعر صرف الدولار، تغاضت النقابة عن مختبرات رفعت تسعيرتها إلى 250 ألف ليرة. إلا أن الأمور فلتت من عقالها وأصبح الـpcr أشبه بالبورصة، إذ يبدأ السعر من 180 ألف ليرة وتصل إلى إلى مليونين ونصف مليون ليرة (كما في مختبر مستشفى خوري العام في زحلة بحجة الحصول على نتيجة الفحص خلال ساعة) وإلى 100 دولار (كما في الجامعة الأميركية في بيروت للحجة نفسها).
لذلك، بات على من يريد إجراء الفحص القيام بجولة واسعة من الاتصالات
قبل أن يستقر على السعر المناسب، خصوصاً أن معظم الفحوص تتشابه
و«لا أفضلية لواحدٍ على آخر»، على ما تؤكد مصادر طبية. وحتى في المختبرات التي تستخدم أنواعاً أغلى ثمناً من الكواشف والمعدات، لا ينبغي أن تتعدّى التسعيرة، بحسب مصادر وزارة الصحة، «الـ 40 دولاراً ماكسيموم».
لكن جولة قامت بها «الأخبار» شملت نحو 50 مختبراً من
أصل نحو 150 مختبراً مرخّصة لإجراء فحوص الـ pcr، بيّنت أن من يلتزمون الكلفة التي حددتها النقابة أقلية قليلة، وأن «البورصة»
تبدأ بـ180 ألف ليرة، وتتدرّج صعوداً: 225 ألفاً، 250 ألفاً، 260 ألفاً، 275 ألفاً، 300 ألف، 330 ألفاً، 375 ألفاً، 600 ألف، مليون ليرة، مليونان ونصف مليون… مع تنويع في «الخدمات».
إذ تختلف تسعيرة الفحص للمسافرين عن «الناس العاديين»،
فتزيد بين 30 ألف ليرة ومليون ليرة، وتتضمن تسعيرة فحوص «الدليفري» في المنازل،
إلى سعر الفحص الأساسي، كلفة الـ
“deplacement” (التنقل)، وهي نسبة تختلف تبعاً للمنطقة التي يقطنها من يخضع للفحص. علماً أن بعض المختبرات تحدد الكلفة «شلف» بين 100 ألف ليرة و150 ألفاً.
أما الفحوص «السريعة»، فتصل كلفتها إلى 600 ألف وصولاً
إلى مليونين ونصف مليون ليرة… «والحبل ع الجرار».
سببان أساسيان يتذرع بهما أصحاب المختبرات لتبرير هذه الكلفة، أولهما
أن «كل شيءٍ بات مدولراً»، وأن تجار المستلزمات والمستوردين
يفرضون الدفع بـ«الفريش دولار»، وثانيهما أن سرعة استخراج النتيجة دونها كلفة لناحية المستلزمات والمعدات المستخدمة.
في الشق المتعلق بـ«الدولرة»، تلفت نقيبة أصحاب المختبرات الدكتورة
ميرنا جرمانوس إلى أن معظم المختبرات تشتري معداتها بـ«الدولار الفريش»، بدءاً من الـ
«swab (المسحة التي تستخدم
لسحب العيّنة من الأنف أو الحلق) والأنبوب والكاشف إلى أجور الموظفين
ومازوت الكهرباء وبدل الإيجار وطباعة الورق وغيرها»،
لتخلص إلى أنه «ما من فحص يكلّف أقل من 5 دولارات». لذلك، حدّدت النقابة البدل بـ200 ألف ليرة
إلا أن أحد المشرفين على مختبرين مرخصين من وزارة الصحة يؤكّد أن
كلفة الفحص العادي «بين 5 و6 دولارات: كلفة الكاشف مع الأنبوب والمسحة
بين دولارين ونصف دولار و5 دولارات، وكلفة الاستخراج بين دولار ونصف
دولار وثلاثة دولارات». أما الفحوص التي تصدر نتائجها بسرعة، فتتطلّب كواشف أغلى ثمناً،
وتراوح كلفتها بين 30 و40 دولاراً»، وفي بعض المختبرات «تكلف
بحدود 10 دولارات خصوصاً أن المختبر ملزم لإجراء الفحص
بسرعة أن يضع مع العينة عينتين إضافيتين (كونترول): واحدة سلبية
وأخرى إيجابية، وهذه كلفتها بين دولارين و3 دولارات،
علماً أن هذا الكونترول يُستخدم عادة مع 94 عيّنة دفعة واحدة».
إذا كانت نقابة أصحاب المختبرات «عاجزة» عن الضبط، للحجة التي تتعلق بالأكلاف،
إلا أن ذلك لا يعني أن تنفض المسؤولية عن كاهلها. إذ إنها تتحمل الجزء الأوفر منها،
على الأقل في ضبط التسعيرة أولاً وضمان الجودة ثانياً. وفي هذا السياق، يشير
وزير الصحة فراس أبيض إلى أن هذا الموضوع «كان عنوان الاجتماع الأخير مع
النقيبة ميرنا جرمانوس للعمل على ضبط ما يجري ومراقبة الجودة». وإذ يشير أبيض إلى أنه مع بداية أ
زمة كورونا كان هناك برنامج بدعم من منظمة الصحة العالمية يمارس نوعاً
من مراقبة الجودة على المختبرات وكان الأساس في مختبر مستشفى رفيق
الحريري الجامعي، إلا أنه توقف ولم يستمر بالوتيرة المطلوبة». اليوم، تحاول
الوزارة تعويض تلك الثغرة والبحث مع النقابة في مراقبة جودة الفحوص
والتخفيف من الفوضى، لافتاً إلى العمل على
«platform تعمل من خلاله المختبرات
على إدخال النتائج مع QR Code لحل مشكلة التقارير المزورة». أما ما دون ذلك، «سيبقى الفراغ يولّد الفوضى»، على ما يختم أبيض.