ليبانون فايلز يكشف خلفية ما يثار بحق سلامة ما بين سويسرا وبريطانيا
المصدر: ليبانون فايلز
مع بداية شهر نيسان نشرت وكالة رويترز تحقيقا اشارت فيه الى ان مؤسسة “غرنيكا 37” البريطانية رفعت تقريرا الى الشرطة البريطانية في أواخر العام 2020 زعمت فيه ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة استخدم وافراد اسرته وشركائه أصول وشركات وأدوات استثمارية في بريطانيا تبلغ قيمتها مئات الملايين الاسترلينية لتحويل الأموال إلى خارج لبنان، ما دفع بالشرطة الى احالته لوكالة الجريمة الوطنية البريطانية (NCA) المعنية بدرس ملفات مرتبطة بهذا السياق والبت بها، فسارعت الاخيرة الى اجراء ما يعرف بتحديد النطاق وهو شكل من أشكال التحقيق الأوّلي لمعرفة ما إذا كانت هناك أسس كافية لبدء تحقيق رسمي.
لا تنفصل هذه الدعوى عن تلك التي قدمت في سويسرا عبر مجموعات لبنانية معروفة تعمل على نطاق واسع مع منظمات غربية ضد الحاكم المركزي وتسعى الى الاطاحة به، وهذا ما أكد عليه سلامة الذي وصف تقرير الوكالة البريطانية بأنه جزء من حملة تشهير، ويتضمن مزاعم كاذبة.
من وجهة نظر مصرفية فان مصرف لبنان عمل على سلسلة قوانين مع السلطة التشريعية بهدف تأمين سلامة النقد اللبناني، ويحاسب حاكمه اليوم على هذه القوانين المطلوبة دوليا للحد من انتشار شبكات التبييض العالمية او دعمها لأهداف غير مشروعة. فالقانون رقم “44” المتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والذي أُقر في مجلس النواب عام 2015 يتضمن بنودا مهمة في هذا الاطار يتضرر منها الكثير من تلك المنظمات، ويتناول هذا القانون الفساد بكل مندرجاته بما في ذلك الرشوة وصرف النفوذ واختلاس واستثمار الوظيفة واساءة استعمال السلطة والاثراء غير المشروع كما التهرب الضريبي وفقا للقوانين اللبنانية، كل تلك الامور التي اخذها بعين الاعتبار مصرف لبنان وعمل على تطبيقها اصابت منظومات بكاملها كانت تعمل ضمن مشروع تبييض الاموال.
ابعد من تقرير الوكالة البريطانية والذي ساهمت في اعداده مجموعة من المجتمع المدني اللبناني في الخارج بحسب رويترز، تأتي الحملة الممنهجة على مصرف لبنان لتشتيت الرأي العام وضخ معلومات مغلوطة من دون العودة الى اصولها القانونية التي وضعت عبر السلطة التشريعية لحماية النظام المصرفي اللبناني
فعلى سبيل المثال تطرح المادة “187 “من قانون النقد والتسليف آلية العمل داخل المصرف من خلال المفوضين المنتدبين الذين عليهم اطلاع السلطات المسؤولة في المصرف المولجين مراقبتها عن المغايرات والمخالفات التي يكونون قد لحظوها طالبين من هذه السلطات تسوية الوضعية في اقرب وقت مستطاع. كما عليهم وضع تقرير مفصل عن اعمال المراقبة التي قاموا بها ونتائجها، وتقرير آخر للجمعية العمومية للمصرف الذي عينوا لديه، يتضمن التسليفات التي منحها هذا المصرف بطريقة مباشرة او غير مباشرة لاعضاء مجلس ادارته والقائمين على ادارته
هذه القوانين الموضوعة لديمومة القطاع المصرفي ومساعدته أكثر على الاستمرار ومنع تعثره، كانت أيضا حافزا للكثير من المصارف التي تمكنت من الاستمرار ومنعت من جهة أخرى بعض المصارف من الاخلال بالبنود أو تخطيها، وقد وجدنا ان مصرف لبنان تحرك في السنوات الاخيرة وحافظ على ثبات المصارف التي تعثرت وعمل ايضا على اغلاق أُخرى خالفت الشروط الموضوعة.
الخلاف الجوهري مع مصرف لبنان، لم يكن ماليا بالاطار التشريعي بل هو مجموعة “أحقاد”
يضمرها البعض أخذها في المنحى السياسي محاولا اغراق القضاء السويسري بعناوين مختلفة ترتدي طابع التحقيق في
“عمليات غسل أموال واسعة” واحتيال محتمل على صلة بمصرف لبنان المركزي
هذه القضايا التي فسرها البعض وفق المصطلحات المحددة في قاموسه،
تهدف في الحقيقة الى الهروب نحو الامام وعدم التركيز على النقاط الاساسية التي اسقطت النظام المصرفي اللبناني
وهي معرفة المسؤولية التي تتحملها الطبقة السياسية والصاقها بحاكمية مصرف لبنان،
من خلال مراعاة القوانين المصرفية ومدى التزام الجهات الرسمية بها، قبل الحديث عن دعاوى قضائية خارجية.
قبل الذهاب الى سويسرا وبريطانيا ينبغي ايضا التوقف عند أهمية السياسات الردعية
التي اتخذها مصرف لبنان بعد الازمة وتسعى الى فرملة الكثير من الامور التي قد تؤدي الى الانهيار الشامل
للقطاع المصرفي اللبناني الذي يريده البعض، وجاءت الاجراءات الاستثنائية لاعادة تفعيل عمل المصارف العاملة
في لبنان عبر التعميم رقم 154 الذي جاء ببنوده صارما لناحية اعادة تفعيل نشاطات المصارف
وخدماتها المعتادة لعملائها كما كانت قبل 17 تشرين 2019 والاهم من كل ذلك ما تضمنه التعميم
من ضرورة اعادة الاموال التي خرجت خلال السنتين الاخيرتين حيث جاء في احد البنود أن على المصارف
حث عملائھا من المستوردين ان يحولوا من الخارج الى “حساب خاص” مبلغا يوازي ١٥% من قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة
سياسيون وحزبيون ورجال اعمال عمدوا الى تحويل أموالهم الى الخارج ستكون هذه الفئات مجبرة
بقوة التعميم هذا على اعادة اموالها الى المصارف الداخلية تحت طائلة الملاحقة ايضا واقفال المصرف الذي يمتنع.
ملاحقة رياض سلامة في الخارج تكشف أولا عدم ثقة اصحاب الحملة على البنك المركزي بالقضاء اللبناني وسعي البعض
الى توظيف علاقاته في الخارج للاطاحة بالرجل قبل البحث عن “عورات”
المنظومة المصرفية ومعرفة مدى التزامها المعايير القانونية والتشريعية الموضوعة،
وتعطي فكرة على نوايا البعض الذي يدير الحملات في الخارج وهي ترتدي طابعا شخصيا انتقاميا يضر بالنظام المصرفي
ولا يصل مع شخص رياض سلامة الى الاهداف التي رسمها هؤلاء، لتصبح النتيجة خسارة جماعية قد يدفع ثمنها نظام لبنان المالي والاقتصادي.