مصر للحريري…. شدّ ركابك
“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر
السيناريوهات المنسوجة بحبكات إعلامية – بوليسية أكثر من أن تعدّ وتُحصى هذه الايام. فمن مزحة العقوبات الأوروبية – العربية بعرضها الفرنسي المتواصل، إلى وهم اللقاءات الباريسية، حبلٌ طويل من الكذب يصل عواصم العالم ببيروت، لتضيق بذلك هوامش المناورة أمام الفرقاء المعنيين ،بعدما بات من المستحيل السير في هذا المسلسل من “البلف المتواصل” للبنانيين.
وسط كل ذلك، طرح تحرك وزير الخارجية المصرية، في توقيت لافت، لا يلغي بطبيعة الحال “غرق القاهرة” في تفاصيل السياسة اللبنانية منذ عام ٢٠٠٥، الكثير من علامات الإستفهام حول أهدافها، خصوصاً مع كشف مصادر دبلوماسية عربية، أن الضيف المصري عرّج على فرنسا، دون أن يُفصح عن أسباب الزيارة وجدول أعمالها، قبل أن يفجّر مفاجأته في بيروت بمقاطعته “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” ورئيس حكومتهما، منهياً يومه الطويل بمؤتمر صحافي إختار أن يكون من بيت الوسط، في مؤشر واضح لمدى الدعم الذي يحظى به سيّد البيت، فيما كان “جنرال بعبدا” يُعدّ أوراقه لفتح النار على المستفيدين الوحيدين من الزيارة، “إستيذ” عين التينة وشيخ بيت الوسط، من بوابة التدقيق الجنائي،في كلمة عالية السقف.
بالتأكيد لم يحمل الديبلوماسي العربي معه أي مبادرة، إلاّ أنه من الواضح أن في جعبته رسائل من “العيار الثقيل”، لا تقلّ “حدة” عن تلك التي تبلّغتها العاصمة الفرنسية مُصاغة بحنكة دبلوماسية. فبحسب المطلعين على دور القاهرة، يحمل الفرعون المصري تفويضاً من الثنائي العربي الإماراتي – السعودي بتولّي الإتصالات ونقل وجهة نظر الثلاثي، لذلك كانت زيارة موفد الخارجية المصرية إلى باريس منتصف الشهر الماضي، وطلبه وقف الضغوطات على الرئيس المكلف لدفعه للتراجع عن مطالبه، وهو ما سمح للشيخ سعد “بشدّ ركبه” هذه المرة ورفضه العرض الفرنسي للقاء باسيل في الإيليزيه، بل ذهب إلى ما هو أبعد، متسائلا “الكنيسة القريبة ما بتشفي؟ بيت الوسط مفتوح”.”
وتابعت المصادر بأن الضيف المصري، الذي أُحيطت زيارته بإجراءات أمنية إستثنائية خلافاً للعادة ، كان جازماً خلال لقاءاته لجهة دعم المبادرة الفرنسية بصيغتها” الإختصاصية” ،في نسف واضح لمساعي “حزب الله”، مؤكداً أنه لا يحمل معه أي موقف سعودي جديد، محذراً من أجواء إقليمية ودولية غير مريحة، على خلفية ما حصل في الاردن، والمواجهة الاسرائيلية – الإيرانية، التي قد تنفجر على الحدود اللبنانية – السورية، في ظل أزمة تل أبيب السياسية الداخلية.
غير أن الدعم المصري للحريري، يشوبه الحذر من عدم قدرة الشيخ سعد على خوض مواجهة
“عضّ الأصابع” حتى النهاية، بناءً على التجارب السابقة، حيث يروي مقربون من القاهرة أنه عام ٢٠٠٩ وبعيد الانتخابات النيابية،
أبلغ الرئيس حسني مبارك يومها سعد الحريري، بعدم قبول تكليفه تشكيل الحكومة لأن في تسميته فخاً،
وهو ما بيّنت الأحداث صحته لاحقاً. وتتابع المصادر بأن التاريخ يُعيد نفسه اليوم من جديد، إذ ثمة أكثر من قطبة مخفية وفخّ في تسميته من جديد.
ف “لأم الدنيا” حضورها ورجالاتها السياسيين في لبنان سابقين وحاليين،
من المؤثرين في مسار الأحداث التي شهدتها البلاد على مرّ تاريخها وحاضرها،
إذ أن القاهرة ملأت إلى حدّ كبير بعضاً من الفراغ الذي خلّفه تراجع الدور السوري ،
وأمّنت غطاءً إقليمياً لقوى لطالما احتمت بدمشق، من رئاسات أو غيرها،
فتعزّز تأثيرها وفاعليتها في الملفات الداخلية.
هنا تقودنا المراجعة التاريخية إلى دور مدير المخابرات السابق اللواء عمر سليمان ،
في ترتيب البيت السنّي واللبناني بعيد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري،
ومشاركته في تركيب بعض اللوائح الإنتخابية، كذلك لا يمكن نسيان دوره في تزكية وصول العماد ميشال سليمان،
إلى رئاسة الجمهورية بعد أحداث السابع من أيار.
ألمؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين.. يقول المثل، إلاّ أن بيت الوسط مصرّ على أن يُلدغ لم
، وأن يتجرّع كأس نكبته المالية والإقتصادية دون أن يتعلّم حتى من كيسه،
وفقاً للشاطر حسن…. فهل تنفع نصيحة المجرّب هذه المرة؟….. الأسابيع القادمة كفيلة بإعطاء إجابة واضحة…