إنها الضربة القاضية… لبنان على الارض يا حكم!
فيما يسير العالم بخطوات واسعة نحو تعزيز انتاجية الدول وتعافي الاقتصاد وتحصين امن الطاقة المرتبط به على ابواب التهالك استدراكاً لانهيارات مهولة، وآخر هذه الخطوات ما رسمته قمة جدة للامن والتنمية من معالم جديدة تدشن مرحلة من التعاون بين الولايات المتحدة والتحالف العربي لتعزيز الشراكة العربية – الأميركية لتأمين الطاقة والغذاء، يبدو لبنان كنقطة لامرئية على خارطة التطورات الاقليمية والدولية، وهو لا يفلح سوى بتجديد دوره كملعب خلفي للأحداث والصراعات القائمة.
ومع رفع منسوب لهجة التهديدات بين واشنطن وتل أبيب من جهة وطهران وحلفائها من جهة اخرى، يرى مراقبون ان ذلك لا يعدو كونه مناورة للحصول على تسوية مع تحقيق أعلى نسبة
من المكتسبات في المفاوضات من خلال تسجيل نقاط في مرمى
الاهداف وليس كما يبدو في الظاهر وكأن الحرب قائمة لا محالة،
ذلك ان العالم لا يحتمل حرباً اخرى مع الحرب الدائرة بين
روسيا واوكرانيا بالوكالة عن الولايات المتحدة الاميركية،
وما جرّته من استنزاف عالمي للطاقة والغذاء.
وبالعودة الى لبنان، فإن الوضع المتّجه نحو مسار انحداري من دون مكابح
تلجمه بل حتى تخفف من سرعة ارتطامه، فإن المشكلة تكمن بعدم وجود توازنات
بين الاحزاب والقوى السياسية للبناء عليها وصولاً الى تسوية داخلية تؤمن إدارة
البلد الغارق بأزماته، وعجزها عن ذلك يرتبط بشكل كبير في كونها مسؤولة عن
الأزمة ومستفيدة من استمرارها، كما ان فتح باب الاصلاح والمحاسبة من شأنه ان يفضح ما طُبخ بالسر وتسبّب
بإفلاس البلد، وهي أي هذه القوى والاحزاب المهيمنة، لا تزال
تستمد بقاءها من خلال عدم وجود قرار خارجي باستئصالها بل بالحديث فقط
عن وجود طبقة فاسدة تسرق مقدرات الوطن وتصادر حق شعب بالعيش الكريم،
وهي تظهر “استلشاء” مخيف وصادم في كيفية تعاطيها مع الخراب القائم وتتكيف
مع ازمة انقطاع الخبز والكهرباء والاتصالات، وتطلق مواقف استعراضية
دونما القدرة على تحقيق اي انجاز على طريق الحل، ولذلك فإن جميع المعطيات
تشير الى ان المرحلة المقبلة ستشهد فراغاً حكومياً وآخر رئاسي ولعل الفراغ الاخطر
الذي ينتظرنا هو الفراغ على مستوى إدارة الدولة ككل والمتمثل بالإضرابات في
إدارات ومؤسسات الدولة التي لن تقوى على مواجهته، فهي الضربة القاضية
التي أودت بما تبقى من لبنان الذي اصبح على الارض يا حكم!