اقتصاد

مجموعات معروفة الهويّة والعنوان تضارب على الليرة…

مجموعات معروفة الهويّة والعنوان تضارب على الليرة…

أخيراً تحرّكت الدولة، واستنفر القضاء، لمحاربة تلك المجموعات المشبوهة التي تتحكّم بسعر صرف الليرة مقابل الدولار، فتتاجر بالعملة وبحياة الناس اليوميّة الذين تتناقص قدراتهم الشرائية

يومًا بعد يوم، وبالتالي تتراجع نوعية حياتهم، ما يدفعهم الى طلب الهجرة بما يسهّل تنفيذ مخطّطات لتغيير وجه لبنان.

فقد وجّه المدّعي العام التمييزيّ القاضي غسان عويدات كتاباً الى النائب العام

المالي القاضي علي إبراهيم، طلب فيه تسطير استنابات قضائية فورية إلى

أفراد الضابطة العدلية كافّةً (قوى الأمن الداخلي- الأمن العام -أمن الدولة -جمارك -مخابرات الجيش) بغية إجراء التعقّبات والتحقيقات الأوليّة والعمل على توقيف الصرّافين والمضاربين على

العملة الوطنية والتسبّب في انهيارها، واقتيادهم مخفورين إلى دائرة النيابة

العامة المالية لإجراء المقتضى القانوني وإفادته بالنتيجة بالسرعة الممكنة.

ومع تحلّل مؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخرى، ليس مستغربًا أن تتحكّم

زمرة من المافيات بمعيشة اللبنانيين المتهالكة، بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار الذي

وصل الأسبوع الماضي الى مشارف الـ65 الف ليرة. ولكنّ السؤال هل يعقل أن تسلّم

دولة بسلطتها المالية والقضائيّة والأمنية رقاب شعبها لزمرة من تجّار السوق السوداء والمضاربين

بهدف تحقيق أرباح شخصية، فيما بات نصف الشعب تحت خطّ الفقر؟ هل يعقل أن يُترك

مصير شعب بكامله لسوق سوداء غير منضبطة يتحكّم بها “أبو النار” و”ابو شهاب” و”أبو الشيم”

عبر مجموعات (غروبات واتساب وإنستغرام) مشتركة ابتكروها للتلاعب بالأسواق ورفع سعر صرف الدولار.

“سوق العاصمة” و”المعتمدة” و”مركزية بيروت والضاحية” و”بينغو”، وغيرها من المجموعات

التي أصبحت معروفة لدى القوى الأمنية والقضائيّة تسرح وتمرح وترفع سعر صرف الدولار

عبر أساليب ملتوية على مرأى سلطة لا تحرّك ساكنًا، وإن تحرّكت، فلرفع العتب ليس إلّا.

إذ تعمد السلطات الأمنية الى إلقاء القبض على بعض هؤلاء، ثمّ تعود تفرج عنهم بعد ساعات قليلة، ليعودوا الى مسرحهم وبشكل أقوى. فكيف يعمل هؤلاء؟ وبأيّ طريقة يحقّقون مبتغاهم؟

“النهار” تواصلت مع عدد من الصرّافين الذين أجمعوا على أن “ارتفاع سعر الصرف غير منطقيّ، خصوصًا أنّ النقد المتداول بدأ بالانخفاض في الفترة الأخيرة، وتاليًا يجب أن يؤثّر الأمر على سعر

صرف الدولار الذي يجب أن ينخفض حتمًا”. وأشاروا الى “لعبة” يعتمدها المضاربون والمتحكّمون

بالسوق السوداء فيحدّدون سعر الصرف وفق مزاجاتهم وخدمة لمصالحهم الشخصية بغية تحقيق

أرباح لجيوبهم. إذ أنّ ثمّة “غروبات واتساب” مسؤول عنها بعض الصرّافين غير الشرعيّين

والمضاربين من مناطق مختلفة هدفهم أن يبقى سعر الصرف مرتفعًا. ولعلّ ما حصل

الاسبوع الماضي من انخفاض للدولار وارتفاعه لاحقًا من دون أيّ أسباب منطقية

خير دليل على ذلك. إذ بعد انتشار خبر اجتماع الرئيس نجيب ميقاتي مع وزير المال

يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والحديث عن إمكان اتّخاذ اجراءات

عملية لخفض سعر الصرف، تراجع سعر الصرف تلقائيًّا، ولكنّ هذا الأمر لم يرقَ للمضاربين،

خصوصًا أنّ بعضهم اشترى الدولار بسعر مرتفع، فاتفقوا على خدعة لإيهام الناس أنّ الدولار سيعاود الارتفاع

، وفعلًا ارتفع الدولار على إثرها ليصل الى 60 ألف ليرة. فقد طلب أحد المضاربين 100 ألف دولار

على سعر 59 ألفًا و800 ليرة ليوم الثلاثاء أي طلب مؤجّل، ومن ثمّ دخل مضارب آخر على

خطّ المزايدة فطلب 100 ألف على سعر 60 ألف ليرة ليوم الاثنين، فيما الثالث طلب المبلغ على الـ60 ألفًا و200 ليرة ليصل بعد دقائق طلب الرابع الى 61 ألفًا و500 ليرة.

هذه “اللعبة”، وإن أصبح لاعبوها معروفين وأهدافهم مكشوفة، بيد أنّ أحدًا من

المعنيّين لم يتحرّك لتوقيفهم قبل اليوم، وكأنّ ثمّة اتفاقًا غير معلن على حماية هؤلاء لتحقيق منافع يتقاسمها كثيرون ممن يصيرون شركاء.

لكنّ السؤال الكبير الذي يُطرح حاليًّا بعد القرار، هل سيعمد القضاء فعلًا الى مساندة السلطة المالية، وملاحقة هؤلاء المدعوم أغلبهم من جهات سياسية وحزبية، أم أنّه يرمي الكرة في ملعب الأجهزة الأمنية ويبرّئ نفسه؟

المصدر: النهار

لمزيد من المعلومات اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com