منصّة صيرفة… ما علاقة صندوق النقد؟ وهل فشلت فعلاً؟
المصدر: الانباء
استبشر كثيرون خيراً بعد عمل مصرف لبنان على إطلاق منصة “صيرفة”، والتي كان هدفها ضبط السوق السوداء وسعر الصرف. ولكن، نشهد يومياً ارتفاعاً ملحوظاً وكبيراً في سعر الصرف الذي تخطّى الـ15 ألفاً للدولار الواحد! كارثة حقاً… فهل فشلت المنصة؟
تجزم مصادر مصرفيّة أنّ المنصة لم تفشل أبداً، وهي تفصِل تماماً بين الارتفاع الكبير في سعر صرف الليرة مقابل الدولار وعمل منصة “صيرفة”، وتؤكد: “المنصة انطلقت منذ حوالي الشهر، وكلّ أسبوع يزداد طلب الدولار عليها. وبما أنّ هذا الاستخدام يزداد، فمن المفترض أن ينخفض سعر الصرف، وألّا يرتفع كما يحصل”.
من جهته أيضاً، يؤكّد الخبير الاقتصادي والمالي، جاسم عجاقة، في حديثٍ لـ”الأنباء”، أنّ المنصة لم تفشل، “فهي ليست لضبط سعر الصرف في السوق السوداء لأنّها سوق غير شرعية، إنّما هدف المنصة الأساسي هو أن تؤمّن سوقاً رقابياً حراً بالإضافة إلى تأمين الدولار للتجار من أجل حاجات السوق المحلي. وقد قرّر المركزي بيع الدولار على سعر توجيهي، أي أنّه يقوم بتوجيه هذا السعر، وبما أن السعر في السوق السوداء أعلى، فهو يعمل على الضغط عليه”.
إذاً، لماذا نشهد هذا الارتفاع في سعر الصرف بالرغم من عمل المنصة وتأمين الدولارات بسعر أقلّ من سعر السوق السوداء؟
تشرح المصادر: “ارتفاع سعر صرف الدولار مرتبط أكثر بردّة فعل على خطوتين مهمّتين قام بهما “المركزي” هما صدور التعميم 158، الذي يسمح للمودعين سحب 400 دولار “كاش” وما يوازيها بالليرة اللبنانية بحسب منصّة صيرفة، وتأمين الدولار للتجار وبعض الأفراد على سعر الـ12 ألفاً. هذان الأمران جعلا من لهم رغبة في عدم نجاح مصرف لبنان والحاكم لأسباب متعدّدة – وبعض المتضرّرين من الاحتمال الكبير لنجاح التعميم رقم 158، وما لذلك من تأثير لناحية تخفيف الضغط على المودعين خصوصاً المودعين الصغار عبر إعادة جزء من أموالهم – إلى شنّ هذا الهجوم من خلال استخدام صرّافين”. وتتابع: “بعض الجهات، وقد يكون من ضمنها جهات سياسية عملت على الضغط على سعر الصرف. وبالتالي ارتفاع سعر صرف الدولار غير مرتبط بالمنصة”.
أمّا عجاقة، فيقول: “لم ينجح مصرف لبنان في تخفيض سعر الصرف لأنّ عمليات التهريب لا تزال قائمة بشكل كبير جداً، ولا يمكن لأحد القضاء على السوق السوداء إلّا الدولة عبر الأجهزة الأمنيّة والرقابيّة”.
وبما أنّ هدف المنصّة ليس العمل على ضبط السوق السوداء وخفض سعر الصرف، فما الفائدة منها؟
يرى عجاقة أنّ “التلاعب لا يظهر في السوق السوداء، إلّا أنّ كشف التلاعب ممكنٌ عبر المنصّة”. والدليل على ذلك البيان الصادر عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الخميس، والذي أكّد فيه تحويل صرّافين على الهيئة المصرفية العليا بدءاً بمؤسّسات الصرافة فئة “أ”، وذلك ابتداءً من الأسبوع المقبل. ويضيف: “صندوق النقد الدولي سيستخدم المنصة لتحرير سعر الصرف”، شارحاً، “الأمر برأيي بات محسوماً، إذ عندما يوقف مصرف لبنان الدعم سنتّجه إلى تحرير كامل لليرة، وفي هذه الحال السعر الذي سيعتمد في التعاملات الرسميّة هو سعر المنصة”.
في ظلّ أزمة اقتصادية – مالية غير مسبوقة في البلاد تنهك كاهل اللبنانيين، هل يجوز أن يقوم أيّ كان بالضغط لرفع سعر الصرف؟! ومَن يحمي المواطنين ممّا قد يحلّ بهم؟
“السوق السوداء لا تعكس الواقع الاقتصادي للدولار، إنّما تعكس التخبّط السياسي والأزمة الحكومية وانعدام الثقة والأمل”، تقول المصادر نفسها. وتُعيد تأكيد المؤكّد (بأنّ) مصرف لبنان لا يستطيع أن يستمرّ بالدعم كما هو بأيّ شكل من الأشكال، خاتمة: “المركزي مجبرٌ على تخفيضه بشكل كبير جداً، وينتظر منذ فترة أن تتخذ الحكومة القرار المناسب في هذا الخصوص”.
ولأنّ في الإعادة إفادة فلا بدّ مِن تذكيرِ “المعنيّين”، أو مَن يُفترض بهم أن يكونوا “معنيّين”، بأنّ أيّ حلٍ اقتصادي من دون حكومة وإصلاحات، هو حلّ منقوص.