“تملك خبرة كبيرة بالترانسفير”… باسيل يستشهد بـ”الرئيس الإسرائيلي”!
“تملك خبرة كبيرة بالترانسفير”… باسيل يستشهد بـ”الرئيس الإسرائيلي”!
قال رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل, من مجلس النواب الايطالي بدعوة من لجنة العلاقات الخارجية: “أشكركم لإتاحة الفرصة لي لأن أتحدث في هذه الندوة الهامة بعنوان “الهجرة ومسيحيو الشرق”، حيث أن حركة إنتقال السكان في الشرق الأوسط لها أثر فوري على الجماعات المسيحية في المشرق وأثر مباشر على المجتمعات في أوروبا”.
وأضاف باسيل, “تميزّ لبنان وإيطاليا دوماً بهجرة شعبيهما اللذين إنتشرا في جميع قارات الأرض، فضلاً عن أن لبنان يحتلّ المرتبة الاولى في عدد المنتشرين بالنسبة للسكان، في حين يحتفظ كل من الإيطاليين واللبنانيين المهاجرين بعلاقات وثيقة مع الوطن الأم”.
وتابع, “شكل الإيطاليون واللبنانيون نموذجاً للعيش في مجتمعات الدول التي هاجروا إليها، كما أظهروا قدرة عالية على التأقلم في المجتمعات المضيفة، تماماً كما أظهروا كرماً كبيراً في إستضافة واستيعاب الوافدين الفرديين الى لبنان وإيطاليا”.
وأشار باسيل إلى أنَّ “تواجه القارة العجوز وايطاليا اليوم هجرة كثيفة مزدوجة: من الشرق، بفعل الحرب الأوكرانية، ومن الجنوب، بسبب إختلال التوازن الطبقي بين المجتمعين اللذين تفصلهما عوامل الدين والإقتصاد والتربية والتنمية والمستوى الإجتماعي”. ولفت إلى أنَّ “لبنان واجه التهجير الجماعي لـ500 ألف فلسطيني من جهة الجنوب ومليوني سوري من الشرق والشمال، في حين لا يزال هو يواجه الهجرة المفروضة على شعبه, يستضيف لبنان اليوم ما بين 200 و250 لاجئ ونازح بالكلم المربع الواحد… واذا اردنا قياس الامر على إيطاليا، فيصبح كأنها تستضيف أكثر من 75 مليون لاجئ بالمقارنة مع عدد سكانها”. واستكمل, “الكثافة السكانية في لبنان تبلغ 450 نسمة بالكلم2 بينما في إيطاليا تبلغ حوالي 206، وفي سوريا 65, وقفزت اعداد النازحين السوريين بين عامي 2016 و2023 من مليون و600 ألف نازح الى نحو مليونين من بينهم 800 ألف شخص تحت سنّ ال 18 عاما”. وأوضح باسل أنَّ “الإرتفاع في عدد النازحين الى لبنان مردّه الى زيادة الولادات وليس الوافدين الجدد، فيما تدنّت نسبة الولادات اللبنانية من 2.12 سنة 2010 الى 1.75 في العام 2022, إنخفاض تاريخي سببه إنهيار الوضع الاقتصادي، هذا في حين تستضيف المدارس الرسمية اللبنانية تلامذة سوريين أكثر من التلاميذ, حوالى 200 ألف لبناني هاجروا من لبنان في الآونة الأخيرة، ثلثهم تحت سن ال 25 سنة، أضف الى ذلك هجرة سنوية لنحو 10 آلاف طالب من أصل 75 ألف طالب”. وقال: “التأثير السلبي المباشر للنزوح على الإقتصاد اللبناني يبلغ بحسب البنك الدولي أكثر من 50 مليار دولار بينما الناتج المحلي GDP تراجع من 55 مليار دولار الى ما يقارب 15 مليارا، في حين يبلغ في ايطاليا 2.1 تريليون, ومع كل هذا يتمكن اللبنانيون من التأقلم مع الوضع في لبنان بفضل صلابتهم ومرونتهم وقد أظهروا اعلى درجة من الكرم وحسن الضيافة والتضامن الإنساني والصبر في تاريخ كافة شعوب العالم”. وأضاف, “الأزمة بلغت حدوداً لا تطاق وباتت تشكل تهديداً مباشراً على وجود الكيان اللبناني أرضاً وشعباً, ومن اسباب بلوغ الازمة هذا الحد عدم التمييز بين الهجرة الطوعية والتهجير القسري حيث أن الأمم المتحدة أصدرت عام 2016 وثيقة بعنوان “التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين” وكان المقصود منها بوضوح إهمال معالجة أسباب التهجير والتعامل مع نتائجه، وتناسي حق العودة والتركيز على دعم”. وتابع, “ركزت الأمم المتحدة على مفهوم إعادة التوطين الذي يلغي حق العودة بالنسبة الى الفلسطينيين خلافاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194 ويؤدي الى تغيير ديمغرافي في البلدان المعنية مثل إيطاليا وسوريا ولبنان فيضرب النسيج الإجتماعي لهذه الدول ويضعفها ويدخلها في صراعات وإنقسامات دينية, ومن اسباب بلوغ الازمة هذا الحد ايضا الإرادة السياسية للمجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة وذراعها التنفيذي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالاشتراك مع الإتحاد الأوروبي من أجل دمج النازحين في البلدان المضيفة”. وأكّد باسل أنَّ, “في الواقع، اوقفت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ودول أخرى ومنظمات غير حكومية، لا بل منعت، العودة الطوعية للنازحين الى بلادهم عبر تهديدهم بقطع المساعدة المالية عنهم في حال عادوا الى سوريا بصورة دائمة, ونتيجة هذه السياسة تتجلى في لبنان عبر الرقم المسجل شهرياً لعابري الحدود بين لبنان وسوريا، إذ تظهر حركة الانتقال عبر الحدود أن ما يقارب 200 ألف من النازحين المسجلين لدى المفوضية كلاجئين يعبرون الحدود، فيما ترفض المفوضية لغاية اليوم تزويد السلطات اللبنانية بقوائم النازحين المسجلين”. وأشار إلى أنَّه, “بالعودة الى لبنان وفي خلال الحرب الأهلية إنهالت العروضات الغربية لترحيل المسيحيين ولاحقاً في العراق وحروبه منذ الثمانينات حتى اليوم، الى الربيع العربي في الآونة الأخيرة والحرب في سوريا التي هاجر منها أكثر من 50% من المسيحيين السوريين”. ولفت باسيل إلى أنَّ, “قال شيمون بيريز بنفسه في كتابه “السلام” الصادر عام 1991 أن إسرائيل تملك خبرة كبيرة بالـ”ترانسفير” أي نقل السكان وهي قادرة على تقديم معلوماتها عن إعادة رسم الجغرافيا الديموغرافية للشرق الأوسط، ناهيك عن وثيقة عوديد ينون المعروفة”. ورأى أنَّ “عمليات الهجرة والتهجير القسري للمسيحيين تندرج ضمن سلسلة من عمليات التفتيت لدول المشرق لتحويلها الى مجموعات متناحرة، فقيرة ومتطرفة. هذا التفتيت له أثر سلبي على الشرق الأوسط وأوروبا إذ أن الصراعات والإضطرابات تولّد موجات من الهجرة تحمل معها التطرف والإرهاب وتستهدف المسيحيين في اليوم وأكثر من أي وقت مضى ترتبط “الهجرة” بمسيحيي الشرق”. وشدّد على أنَّ “المسيحيون يجدون أنفسهم في وضع حرج فإذا نظروا الى الغرب أملاً بالعيش مع جماعات يتشاركون معها مجموعات من القيم، يجدون انهم يتأقلمون بسرعة ويندمجون في المجتمعات، لكنهم يجدون أنفسهم في صدام مع الحداثة المفرطة لمجتمعات إبتعدت عن إذا نظر المسيحيون الى الشرق، فإنهم يشعرون بالإنتماء الى المشرق، فهم جزء لا يتجزأ من نسيجه الإجتماعي وتاريخه ووجدانه، وهم من أطلقوا وطوروا فكرة الدولة والمواطنة”. وأضاف, “المسيحيون المشرقيون هم ضمانة التعددية والتنوع, إنهم المحرك الاساس لتعزيز العدالة الاجتماعية المبنية على أساس الكفاءة والاستحقاق, إنهم يسعون جاهدين لتحقيق مجتمعات منفتحة ومتسامحة من خلال دحض نهج التقوقع والعزلة, وأي محاولة لعزل المسيحيين المشرقيين في حلقات مغلقة، أو إجبارهم على النزوح، هي محاولة لدفع الشرق نحو دوائر القتل الأحادية الطابع، والمغلقة ثقافيا واجتماعيا, ان نزوحهم يهدد الشرق كما الغرب ويهدد فكرة العيش معًا”. وتابع, “ان تثبيت المسيحيين في المشرق هو دفاع عن بلدانه، واستهدافهم هو جريمة ضده, الوجود الطبيعي والحر للمسيحيين المشرقيين في أراضيهم، بجانب إخوانهم وأخواتهم في المواطنة، هو اساس السلام في الشرق الأوسط, علاوة على ذلك، فإن حضارتهم ومساهمتهم ضرورية لكل من الشرق والغرب, إن نموذج المسيحيين التعددي وقدرتهم الاقتصادية وتراثهم السياسي يواجه تحديات خطيرة، وبالتالي، فإن دورهم معرض للخطر, بدون دور، ليس لديهم وجود”. واستكمل, “أدعو المسيحيين المشرقيين إلى تحمل نصيبهم من المسؤولية وإظهار مرونة غير مسبوقة للبقاء وتصميم منقطع النظير على الصمود, وسيتعين علينا مضاعفة جهودنا لتجنب تهميشنا في بلداننا. قريباً، ومع الثورة داخل العالم الإسلامي والعربي بقيادة ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان، لن يكون هنالك سبب للشكوى من عدم توفر الحريات الدينية، وسيستطيع المسيحيون وغيرهم عيش إيمانهم بحرية, لن يعودوا معرضين لخطر”. وأشار إلى أنَّه, “في عالم يتبدل بسرعة كبيرة، وفي شرق أوسط سريع التغير، وفي لبنان التعددي، يقف المجتمع المسيحي المتقهقر وجودياً عند مفترق طرق لوجوده، ودوره نفس المسيحيين الذين قادوا ذات مرة معركة تحرير الدولة، مسؤولون اليوم جزئياً عن معركة تحديد مستقبلها: أرض السلام والإنسانية, ملاذ آمن للتسامح والعدالة, منطقة ذات جغرافية غير قابلة للتغيير, مقاومة التحديات الديموغرافية إلى جانب التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”. وقال باسيل: “أود أن أدعو الدول الأوروبية مرة أخرى إلى التفكير بجدية وعمق في التهديدات التي تطرحها الهندسة الديموغرافية لبلدان المشرق وتفكيك دوله. ان نفقات تأجيج الحروب أكثر بأضعاف من نفقات تنمية المجتمعات. تذكروا دائما ان حماية المسيحيين المشرقيين لا تكون عبر توريطهم في صراعات تتعارض مع مصالحهم وتؤدي إلى نزوحهم, بل تكون عبر بناء دولهم وتطوير مجتمعاتهم في أمن وسلام”. ولفت إلى أنَّه, “أود أن أدعو المجتمع الدولي ثالثا إلى إصلاح الفوضى التي خلقها في منطقتنا؛ فالتحركات السكانية الكبيرة ترخي بثقلها على التوازن الديموغرافي الدقيق. ان النزوح الجماعي للسوريين والفلسطينيين ادى إلى زعزعة استقرار لبنان, ويجب ان يعكس هذا التدفق الجماعي فوراً”. وأضاف, “يجب تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين داخل سوريا، وإعادة وصل السوريين بوطنهم، وينبغي أن يكون تمويل عودتهم أولوية قصوى بالشراكة مع البلدان العربية التي رحبت مؤخرا بسوريا مرة أخرى في جامعتها العربية. كما هو الامر بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الذين ينبغي إعادتهم الى وطنهم عبر تطبيق حل الدولتين، حيث لا يعود بإمكان إسرائيل فرض مفهومها عن الحرية على جيرانها، في حين تطبق هي نموذجها الأحادي، في منطقة متعددة الثقافات”. وتابع, “ينبغي علينا مقاربة قضية الهجرة في الشرق الأوسط وآثارها على المسيحيين المشرقيين بطريقة حضارية وإنسانية وأخلاقية. وفي حين أنه لا ينبغي أن يكون الترحيب بمن هم بحاجة للمساعدة وحمايتهم موضع نقاش، فإننا نعتقد أن الوقت قد حان لمناقشة خصوصياتنا بصدق، حيث لا يمكن ابداً تعزيز المسواة في حقوق الإنسان عبر اضعاف ملاذات آمنة للتنوع، مثل لبنان، أو عندما يصبح الحق في الاختلاف والتنوع انتقاصاً من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الاخرى”. |