الامتحانات الرسمية في المجهول: مصيرها رهن..
الامتحانات الرسمية في المجهول: مصيرها رهن..
كان من المفترض أن تخلص اجتماعات رؤساء روابط المعلمين، ومن ناب عنهم (كحال رابطة الثانوي)، مساء الخميس، إلى إصدار قرارات حول الذهاب إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية، وذلك وفق القرارات التي صدرت عن رابطة التعليم الأساسي. لكن ممثلي رابطة التعليم المهني والتعليم الثانوي رفضوا الأمر على اعتبار أنه من المحاذير. وعليه فإن انفجار رابطة التعليم الأساسي بات وشيكاً، وسيكون مصيرها مثل رابطة الثانوي سابقاً، التي استقال نحو نصف أعضائها. فحال الغليان الذي يعيشه الأساتذة لا تعكسه قرارات رؤساء الروابط ومن ينوب عنهم، تقول مصادر مطلعة على الاجتماع.
الروابط تمثل الوزارة لا الأساتذة
لم يخلص الاجتماع إلى إعلان مقاطعة الامتحانات. لكن مصير الامتحانات الرسمية مهدد بمعزل عن عدم تمكن رؤساء الروابط، ومن ينوب عنهم، من اتخاذ موقف موحد لتعطيل الامتحانات، تقول مصادر في الروابط. وتضيف، أنه كان حرياً برؤساء روابط المعلمين عدم الرضوخ للضغوط الحزبية والمكاتب التربوية، ومصارحة الأساتذة بعدم توفر التمويل اللازم للامتحانات. وهذا من شأنه إلزام وزارة التربية بإصدار قرار رسمي تحدد فيه التعويضات التي سيتلقاها الأساتذة ورؤساء مراكز الامتحانات والمراقبين العامين، ودفع الحوافز الدولارية المتأخرة.
وتضيف المصادر، أن رؤساء الروابط، ومن ينوب عنهم في الاجتماعات، باتوا يمثلون وزارة التربية ويبررون لها، فيما دورهم تمثيل الأساتذة والدفاع عن حقوقهم. فهؤلاء، مثلهم مثل المسؤولين في وزارة التربية، يشيعون في اجتماعاتهم أن الأساتذة سيتقاطرون إلى المشاركة في الامتحانات، فيما الوقائع على الأرض تثبت عكس ذلك. والهدف دفع الأساتذة إلى المشاركة بالامتحانات رغم عدم توفر التمويل للحوافز.
ووفق المصادر، التوجه العام عند الأساتذة في الملاك أو في التعاقد، في مختلف المحافظات، ولا سيما في جبل لبنان والشمال والبقاع، هو عدم المشاركة. وهذا الأمر يؤكده مدراء مدارس وأساتذة تواصلت معهم “المدن”. أما في التعليم المهني فالأمور أكثر تفاقماً، لأن مصير الامتحانات بيد الأساتذة المتعاقدين الذي يشكلون أكثر من 80 بالمئة من الهيئة التعليمية. ومقاطعتهم تجعل الامتحانات بخبر كان.
تهديدات المناطق التربوية
وتضيف المصادر، أن تعميم وزارة التربية حول كيفية تسجيل أسماء الراغبين بالمشاركة بالمراقبة، لا يلزم الأساتذة بتسجيل أسمائهم للمشاركة. لكن المناطق التربوية، ولا سيما في البقاع، تضغط على المدراء لإبلاغ أساتذة الملاك (ثانوي وأساسي) بأن عدم المشاركة من دون عذر صحي يعرض الأستاذ لعقوبات مسلكية.
وتقول المصادر: “لو كان هناك فائض عند الوزارة بالمشاركين، لما لجأت المناطق التربوية إلى هذه التهديدات المبطنة”. جل ما في الأمر أن الانتقال من وإلى مراكز الامتحانات في البقاع وفي مناطق أخرى، مكلف جداً على الأساتذة بسبب بعد المسافات، ما يدفعهم إلى عدم المشاركة. ولهذا السبب تصلهم تهديدات من المنطقة التربوية. ورغم ذلك، فعدم المشاركة سيد الموقف.
ووفق المصادر، تستطيع الأحزاب عبر المكاتب التربوية تأمين رؤساء مركز امتحانات (الحاجة إلى نحو 300 رئيس مركز في لبنان) من خلال دفع بدل نقل لهم، لكنها لا تستطيع تأمين الأموال لجيوش من المراقبين والمصححين. ورغم ذلك تعول وزارة التربية على الضغوط الحزبية لدفع الأساتذة إلى المشاركة بالامتحانات. غير ذلك ستكون المقاطعة شبه عامة، خصوصاً بعدما اتضح أن الوزارة عاجزة عن دفع الحوافز الدولارية عن شهر نيسان. ما يعني أنها لن تتمكن من دفع الحوافز الخاصة بالمشاركة بالامتحانات.
لم يقبضوا مستحقات الامتحانات
ووفق مصادر “المدن”، ما زالت كلفة تمويل الامتحانات غير مؤمنة. فمنظمة اليونيسف دفعت كلفة الأمور اللوجستية وتنظر في باقي الكلفة التي رفعها الوزارة. ورغم ذلك يشاع أن التمويل مؤمن لدفع الأساتذة إلى المشاركة.
أما بما يتعلق بمشاركة أساتذة التعليم الخاص، فيؤكد أساتذة ومدراء، أن لا حماسة في التعليم الخاص للمشاركة في أعمال الامتحانات. فالعديد من أساتذة التعليم الخاص لم يتلقوا بدلات مراقبة الامتحانات بسبب عدم توفر الرقم الآلي لهم. ففي السنة الفائتة شارك أساتذة من المدارس الخاصة بالمراقبة من دون حصولهم على رقم آلي. ثم استدرك المسؤولون في الوزارة هذه الثغرة في أعمال تصحيح الامتحانات بعد نحو أسبوع. وجرى إصدار رقم آلي لهم في مراكز التصحيح. وفي حالات أخرى جرى الالتفاف على هذا الأمر من خلال تسجيل أعمال الأساتذة الذي لا يملكون رقماً آلياً في حسابات زملائهم في مراكز التصحيح. ولاحقاً قبض هؤلاء الأساتذة كل المستحقات وأعادوا الأتعاب المستحقة إلى زملائهم الذين ليس لديهم أرقاماً ألآلية. أما بما يتعلق بمن شارك في المراقبة، فلم تصحح الإشكاليات. وهذا ما دفع الوزارة إلى التعميم هذا العام على الأساتذة الذين ليس لديهم أرقام آلية إلى تسجيل أسمائهم في دائرة الامتحانات. وذلك بغية تجنب إشكاليات العام الفائت.
ضرب التراتبية الوظيفية
تعميم وزارة التربية لتأمين الكادر البشري لأعمال الامتحانات على مستوى مراكز الامتحانات نص على أن رئيس المركز ومساعد رئيس المركز يجب أن يكونا من أساتذة ملاك ثانوي وتعليم أساسي. فيما المراقب العام في المركز يمكن أن يكون أستاذاً متعاقداً أو مستعاناً به من الذين لا تقل خبرتهم عن ثلاث سنوات بالتعليم. أما المراقبون فيمكن أن يكونوا من أساتذة التعليم الخاص والرسمي.
وتقول المصادر، جرت العادة ألا يكون رئيس المركز أو المراقب العام إلا من ملاك الثانوي. وعندما حاول المدير العام الأسبق فادي يرق مخالفة هذه القاعدة بجعل مدراء المدارس رؤساء مركز قامت قائمة الأساتذة عليه. فلا يجوز أن يكون مدير مدرسة في الفئة الوظيفية الثالثة رئيساً على مراقب من ملاك الثانوي في الفئة الوظيفية الثالثة. وتضيف المصادر إن هذه الأمور باتت تفصيلية بعرف الوزارة، رغم أنها تضرب الأسس الوظيفية. فالمهم بالنسبة للوزارة في الوقت الحالي إنجاز الامتحانات، وليس طرح علامات استفهام وتشكيك حول هذه الأمور المتعلقة بمكانة الوظيفية العامة والتراتبية فيها. في الوقت عينه ينتقد مدراء المتوسطات هذا التشاوف الوظيفي عند ملاك الثانوي، ويؤكدون أنهم جديرون بمنصب رئيس مركز امتحانات، لكنهم يفضلون الجلوس في بيوتهم، على تولي هذا المنصب، الذي ستدفع له وزارة التربية 22 دولاراً يومياً.
عملياً، ما زال مصير الامتحانات الرسمية معلقاً بيد الأساتذة المتعاقدين أو في الملاك الرسمي. فعدم مشاركة هؤلاء يطيح بالامتحانات، ورغم ذلك تشيع روابط المعلمين أن الوزارة تستطيع الاستغناء عن خدمات الأساتذة في التعليم الرسمي، وذلك لخداع الأساتذة مرة جديدة، بعد كل الخيبات التي تعرضوا لها سابقاً بملف الحوافز.
وليد حسين- المدن