“حزب الله” يضحك في سرّه
“حزب الله” يضحك في سرّه
يعرف أركان “المعارضة”، الذين توافقوا مبدئيًا على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور لرئاسة الجمهورية، أن توافقهم هذا حتى ولو استطاعوا تأمين 65 صوتًا له لن يتمكّنوا من إيصاله إلى أول الطريق المؤدي إلى بعبدا. وهذا ما اعترف به رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي حسم خياره الرئاسي. فهل في مقدور هذه القوى فرض مرشحهم على الآخرين، الذين لا يزالون مصرّين على ترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية؟
هذه المعادلة يعرفها الأقربون والأبعدون، ويعرفون أيضًا أن “حزب الله” لا يزال يمسك بمعظم خيوط “اللعبة الرئاسية” من ألفها حتى يائها، ويعرفون أيضًا وأيضًا أن في استطاعته أن يعطّل الجلسة، التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما فعل على مدى سنتين ونصف السنة قبل أن تنضم معظم القوى السياسية إلى مشروع انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية. فـ “حزب الله” لن يتأثرّ بتهديدات الولايات المتحدة الأميركية، ولن يعيرها أي اهتمام تمامًا كما فعل في السابق. فهو مرتاح على وضعه من هذه الناحية، خصوصًا أنه يعتبر العقوبات، التي يمكن أن تُفرض عليه وعلى غيره، لا أهمية لها، ولن يكون لها مفعول عملي على واقعه السياسي والميداني. هو متأكد من أن تسوية بكين لن تكون على حسابه، بل يجزم بأن طهران لن تتخلّى عن ورقة “حزب الله” في المعادلتين الإقليمية واللبنانية المحلية، وهي لن تفرّط بها أيًّا تكن الضغوطات والمكتسبات وشكل التسويات التفصيلية.
فانطلاقًا من هذه الثقة يتصرّف “حزب الله” في الملف الرئاسي، وهو لا يزال ينتظر اكتمال صورة المشهدية لدى الطرف الآخر ليتخذ الموقف، الذي على أساسه يمكن أن يبنى على الشيء مقتضاه، وهو في كل الأحوال، وأمام توحدّ قوى المعارضة حول اسم جهاد ازعور، يضحك في سرّه، لأنه يعرف أن الآخرين يعرفون أنه لا يزال يملك مفاتيح “اللعبة الرئاسية”، من خلال امتلاكه أوراق التعطيل الدستوري، بعدم تأمين نصاب الثلثين في أي جلسة بعد الجلسة الأولى وفرط عقدها ما أن ينتهي فرز الجولة لأولى، إضافة إلى ورقة الميثاقية، وذلك بانسحاب النواب الشيعة الـ 27.
وفي كلا الحالتين تدخل البلاد في النفق المجهول مرّة جديدة من دون أن يتمكّن أحد من أن يقول لـ “الثنائي الشيعي” “محلا الكحل بعينك”، فتعود الأمور إلى مربعها الأول، ويعود الحديث إلى التفتيش عن خيارات أخرى لا يفنى فيها “غنم المعارضة” ولا يموت فيها بالطبع “ذئب الممانعة”.
وهذه الصيغة كما تصفها أوساط سياسية مراقبة ومحايدة هي ما يُسمّى بـ “الخيارات الوسطية”، أي أن يُصار إلى سحب اسمي فرنجية وازعور والذهاب إلى مرشح ثالث لا يكون محسوبًا لا على هذا الطرف ولا على تلك الجهة. أما إذا بقي كل طرف متمسكًا بمرشحه على اعتبار أنه الأفضل فلن تشهد البلاد مرحلة جديدة من الاستقرار بمستوياته كافة، ولن يتمكّن أي من طرفي الصراع من أن يفرض مرشحه بقوة الدستور.
لبنان 24