قانون شركات التأمين… فضيحة رئاسية جديدة؟!
المصدر: لبنان الكبير
بعد ادعاء رئيس الجمهورية ميشال عون أن صلاحياته محدودة، وبعد تأجيل وضع ختمه وتوقيعه على قوانين حقوق لبنان النفطية والجغرافية (أي المرسوم ٦٤٣٣) وقانون الخدمة المدنية والتشكيلات القضائية، جاء اليوم دور قانون النائب طوني فرنجية المتعلق بشركات التأمين، إذ رده إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيه.
فالذي وضع وراءه قوانين مقدمة منذ سنوات ليطّلع على هذا القانون تحديدا من بين عشرات القوانين المطروحة من نواب كُثر، يؤكد فرضية وجود خلفية معينة تصب لمصلحة الرئيس الشخصية أو مصلحة تياره الحر.
يرمي القانون إلى الزام شركات الضمان العاملة في لبنان تسديد جزء من الأموال للمستفيدين من خدمات التأمين كأموال جديدة أو “فريش” (fresh money).
أما الهدف منه فهو دعم جميع المتضررين من انفجار مرفأ بيروت والمؤمّنين في الشركات على أن يدفعوا بالنسب والتناسب حسب المبلغ الذي يتقاضونه من الخارج.
يدّعي رئيس الجمهورية أن نص القانون ليس واضحاً والصيغة تخالف مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين اللبنانيين وأن لا اجتهاد في معرض النص، وعقود التأمين ليست متشابهة وهي مرتبطة بأكثر من معاهدة إعادة تأمين، فحماية حقوق المؤمّنين تقتضي صياغة قانون واضح ودقيق بمراسيم تطبيقية تضعها وزارة الاقتصاد وإلا تاه القانون عن أهدافه. لذلك، أحال عون القانون إلى مجلس النواب لإعادة دراسته على أن يرسل مجدداً اليه في حال حصوله على تصويت كاف لينشره.
أكدّ النائب طوني فرنجية لـ”لبنان الكبير” أنه “من المستغرب في هذا الظرف الاستثنائي إعادة رئيس الجمهورية لقانون الزام شركات التأمين تسديد جزء من الأموال الناتجة عن كافة العقود بأموال جديدة، ما يشكل تغطية واضحة لكارتيل شركات التأمين التي تقوم بشكل فاضح بتسديد حقوق المؤمّنين تارة بالليرة على سعر 1500 ل.ل وطوراً بالدولار وتحتفظ بمبالغ الفريش المسددة من معيدي التأمين وتحقق أرباحاً كبيرة على حساب الناس. وتشكل هذه الإعادة ضربة جديدة للمتضررين من انفجار الرابع من آب”.
ويضيف أنه “ليس بوارد الانتقام من هذه الشركات بل يسعى في قانونه إلى حماية المتضررين والمؤمّنين
الذين تمارس عليهم الضغوط من هذه الشركات إذ تطلب منهم قبض أي
مبلغ يُعرض عليهم وتُخيفهم انه في حال كانت نتيجة الانفجار عملاً إرهابياً لن تدفع لهم.
بمعنى آخر “اقبلوا بالمبلغ المعروض” أفضل من بلاش”.
وأوضح فرنجية: “أما بالنسبة للسبب الثاني من الرد المتعلّق بالمساواة فاعتبره “عذراً أقبح من ذنب”.
فعون يدعي أن نص القانون يضرب المساواة بين الذين قبضوا سابقاً مقارنة بأولئك الذين سيقبضون تحت سقف القانون الجديد.
نيّة الرد ليست بسبب مبدأ المساواة إنما هي حفلة مزايدات بين شركات التأمين التي رفضّتُ بعض التعديلات
التي طلبتها مني، ومنها طريقة الدفع بالـ”فريش” إذ اقترحتُ أن يكون سقف الدفع بـ٢٠% “فريش” فلم يوافقوا
واقترحوا أن يبدأ الدفع بـ٢٠% فلم أجدها منطقية،
ورفضتُ تعديله مما دفعهم لتوقيفه عند القصر الجمهوري بعد تعذر ذلك في مجلس النواب”.
وتابع: “اما بالنسبة لنص القانون، فالعديد من خبراء التأمين والمحامين صرحوا لي بأنه لا غبار عليه.
وأنا أصرّ على أنه ليس بحاجة لأي تعديل والتفاصيل التطبيقية تضعها لجنة الاقتصاد المتمثلة بالنائب فريد البستاني
الذي على الرغم من تأييده للقانون إلا أنه الوحيد من بين جميع الكتل الذي اقترح إحالته إلى اللجنة لتكون له الصلاحية
في مناقشته مع شركات التأمين، مع العلم أنه صرح للإعلام بموافقته على القانون،
إلا أنه لم يجد طريقة لتوقيفه إلا من خلال الإحالة على الرغم من قوله إنه حريص على حماية المؤمّنين.
ولا استبعد أن يضغط على اللجنة لـ”تنييم” القانون”.
وختم فرنجية أن “الجلسة الخاصة بالقانون ستعقد في تشرين الأول ناصحاً جميع المؤمّنين
بالصبر وانتظار القبض حتى انعقاد الجلسة وتحديد مصير القانون الذي يمثل اليوم فضيحة لرئاسة الجمهورية،
وإذا ضُغط على النواب لعدم التصويت عليه فستطالهم الفضيحة أيضاً”.
فهل سيتم الضغط من قبل عون وفريد البستاني لعدم تمرير القانون المقترح بسبب ارتباطهما بهذه الشركات؟
ومن محاسن الصدف أن النقيب السابق لوسطاء التأمين في لبنان وهو أيضاً أحد المرشحين السابقين عن المقعد الأورثوذكسي في عاليه عن
الحرّ، يحوز على الحصة الأكبر من بوالص التأمين الإلزامي وهو شريك لمسؤول رفيع المستوى في التيار العوني
في شركة تأمين تُدفع أرباحها من جيب المواطن اللبناني.
ويؤكد العديد من اللبنانيين أنه عند وقوع أي حادث يتبيّن أن هذه الشركات لا تغطي الكلفة بسبب بيع البوالص
بطريقة غير قانونية، فيما وزارة الاقتصاد تمتنع عن ملاحقتها لأنها من النسيج السياسي عينه.
فهل “كرامة عينهم” سيتعذر تمرير قانون طوني فرنجية؟
في عهد كثر فيه الكلام عن الإصلاح من دون ترجمته واقعاً، خاب أمل اللبنانيين وخاصة المؤمّنين حتى إشعار آخر،
وهم الذين خسروا وربح رئيسهم. فالمؤمَّنون تمنّوا أن لا تكون
هذه الشركات مرتبطة بالقصر الجمهوري ليحصلوا على حقوقهم بشكل سريع.
ويبقى السؤال الأهم هل سيستعيد الرئيس نشاطه ويُفرج عن القوانين “النائمة” في أدراجه؟
وهل قانون شركات التأمين سيبصر النور ليفرج عن الأموال لمصلحة المؤمّنين؟!