اخبار محلية

الطيّونة – عين الرمّانة: هديّة السيّد لجعجع

جوزفين ديب – اساس ميديا

كَثُر الكلام في الساعات الأخيرة عن مسؤوليّة القوات اللبنانية عن اندلاع الأحداث الأمنيّة الأخيرة، ولا سيّما أنّها أتت بعد تصريح رئيس الحزب سمير جعجع عن شارع مقابل شارع. غير أنّ القراءة في خلفيّة الأحداث لا تكتمل من دون الكلام عن الأثر الذي تركته على الساحة المسيحية. فهل عادت هذه الساحة إلى مزاج الحرب اللبنانية، خصوصاً في المنطقة الأكثر سخونةً على خطوط التماس بين عين الرمّانة والشيّاح والطيّونة؟ وهل يستعيد المسيحيّون شعار القوات اللبنانية، منذ زمن قائدها الرئيس بشير الجميّل، “وحدها بتحمي الشرقية، القوات اللبنانية”؟

صحيح أنّ الجولة على العائلات، التي تقطن في الأحياء المتداخلة بين عين الرمّانة والطيّونة، أظهرت حجم الغضب لدى الأهالي من مسلسل الاشتباك السياسي والأمني على حدٍّ سواء، غير أنّ هذا الشعور لا شكّ رافقه شعور برفع غبنٍ دفينٍ رافق المسيحيّين منذ ما رأوه تعاظم قوّة حزب الله، وظهور ذلك في أكثر من محطّة على شكل تحدٍّ لمفهوم الدولة والمؤسسات التي تحفظ مفهوم المواطن، وذلك يعني في العقل المسيحي كلّ شيء

في إطار هذا المفهوم تحديداً، تجدر قراءة المتغيّرات في المزاج المسيحي الذي رحّب باتفاق مار مخايل معتبراً أنّه سيصل بالقوى السياسية إلى منتصف الطريق، وإلى تكريس مفهوم الدولة، وهو ما لم يحصل بفعل أكثر من محطّة سياسية وأمنيّة هشّمت اتّفاق عون ونصرالله، وساهمت في خسارة قيادة التيار الوطني الحرّ من شعبيّتها، أولاً في لحظة عقد الاتفاق، وبعدها في مسلسل الأحداث التي أطاحت بمضمونه حتّى بقي منه تقاسم السلطة فقط. لهذا تعاظَم شعورٌ لدى الرأي العامّ المسيحي بأنّ التعامل مع “فائض القوّة” لا يكون إلا بالقوّة بعد فشل المبادرات السياسية. معادلة القوّة مقابل القوّة، وشارع مقابل شارع، أثبتت “نجاحها” أكثر من مرّة في المنطق المعادي لحزب الله، بدءاً من الأحداث في خلدة وفي شويا،

والآن في “قلعة الصمود المسيحية” في عين الرمّانة. لم تأتِ هذه المواجهة من فراغ.

ولعلّ تفجير المرفأ يُعتبر من أكثر المحطّات تأثيراً في الشارع المسيحي المواجه لحزب الله.

وذلك، أوّلاً، لأنّ المسيحيّين يعتبرون أنّ التفجير استهدفهم في الصميم، والكلام عن أنّ الضحايا من كلّ الطوائف صحيح،

لكنّه لا يعني أنّ الاستهداف السياسي والاقتصادي لا ينحصر بهم فقط. ثانياً، لأنّ تعامل حزب الله مع التحقيق

أجّج المزاج المعادي له. إذ رفض في بداية الأمر التحقيق الدولي، ثمّ رفض تحقيق القاضي فادي صوّان،

والآن يرفض تحقيق القاضي طارق البيطار. فبأيّ تحقيق يرضى حزب الله؟

إنّها المعركة الأسهل على خصومه. فهي معركة على تثبيت منطق المؤسسات ومفهوم الدولة

عبر الدفاع عن القضاء. كان سمير جعجع رأسَ حربةٍ في مواجهة حزب الله في السياسة والأمن،

فأكمل المعركة اليوم “ليس دفاعاً عن القاضي البيطار،

بل دفاعاً عن منطق المؤسسات”.
هل أعلنت القوات اللبنانية عن تنظيمها العسكريّ؟

نفى رئيس القوات سمير جعجع أن يكون مسؤولاً عن القنص الذي أودى بحياة عدد من الأشخاص،

بينهم مَن سقط ضحية معركة لا ناقة له فيها ولا جمل. ولكنّه في المقابل أعلن عن 7 أيّار مسيحيّ.

ماذا يعني هذا الكلام في مفهوم معادلات القوّة؟ يقول مصدر مقرّب من القوات إنّ ذلك يعني أنّ في البلد قوّتيْن،

حزب الله والقوات اللبنانية. “وفي دفاع شباب عين الرمّانة ظهر أنّ القوات

تملك مقاتلين من الجيل الذي لم يشارك في الحرب اللبنانية”. يقود هذا المشهد إلى مواجهة.

هل يواجه حزب الله القوات والعكس؟ لا شكّ أنّ حزب الله حريص على عدم الدخول في مواجهات مماثلة.

وعلى الرغم من مآزقه الداخلية، سيتراجع مدركاً أنّ في مواجهات كهذه مقتله

من جهته، يرى سمير جعجع نفسه خارجاً من هذه المواجهة رابحاً رابحاً. دافع عن القاضي البيطار في مواجهة محاولات عزله،

ومن خلفه دافع عن الشارع المسيحي “بعد خروج تظاهرات تُطلق شعارات “شيعة شيعة” في شوارع قلعة صموده”.

تقدَّم جعجع الأدوارَ على الساحة المسيحية، فأضعف خصمه التيار الوطني الحر حليف حزب الله.

وأثبت أنّه في أوقات الشدّة لا مكان “لِما يُسمّى مجموعات المجتمع المدني ولو كانت مدعومة من أكبر سفارة”.

الانتخابات على الأبواب، سيخوضها سمير جعجع مستثمراً معركة سياسية وأمنية قدّمها له نصر الله على طبق من فضة.

لا شكّ أنّ الساحة الداخلية بمزاجها الحادّ المنقسم طائفيّاً تساعده كثيرا. إلا أنّ على حزب الله إعادة قراءة

سياساته الداخلية ليس لأجل مراعاة حليفه المسيحي، بل لأنّه محاصَر من كلّ الطوائف،

وإذا تمعّن جيّداً فسيجد نفسه محاصَراً من قلب طائفته أيضاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com