“حزب الله” يستعد.. ما الذي يدور في “كواليس الجبهة” مع إسرائيل؟
لبنان 24
5 أيامٍ مرّت على زيارة الوسيط الأميركي في ملف الحدود البحرية آموس هوكشتاين إلى لبنان، وحتى الآن “لا جوابَ شافياً” على المُقترح اللبناني بشأن الخط 23.
إلى هذه الساعة، ما يتبين هو أنّ المبادرة الأميركية “المُباشرة” بشأن ملف التّرسيم ما زالت في مرحلة “الإنتظار” بعدما لم يزُر هوكشتاين إسرائيل كما كان مقرراً لنقل الطرح اللبناني بشأن الحدود البحرية.
مصادر مواكبة للملف قالت لـ”لبنان24″ إنّ “الجانب اللبناني كان واثقاً بأن الطرح الذي قدّمه لم يدخل في بازار المزايدات السياسية، وهو أمرٌ جعل هوكشتاين يتلقاهُ بصورةٍ واضحة، وينطلق به ليكثف اتصالاته مع الجانب الإسرائيلي حتى وإن لم يقم بزيارة تل أبيب بشكل مباشرٍ وسريع”.
وتضيف: “هوكشتاين على صلة بالمسؤولين الإسرائيليين خصوصاً أنه كانت له خدمات ضمن الجيش الإسرائيلي سابقاً، إلا أن الأمرَ الأساسي يرتبطُ بوساطة عامة ترتبط ببلدين، وبالتالي فإن الرد الإسرائيلي سيحصلُ خلف الكواليس والأبواب المغلقة”.
ماذا عن تهديدات “حزب الله”؟
في غضون ذلك، اتّجهت الأنظارُ مُجدداً إلى آفاق موقف “حزب الله” الذي تقول مصادره إنه “ما زال ينتظرُ، كما الدولة اللبنانية، ردّ العدو الإسرائيلي بشأن الاقتراح المتعلق بالخط 23”.
على الصعيد العسكري، ما يتبين هو أنّ الجبهة “هدأت” نسبياً، وما يكشفه المسار القائم هو أنّ “التصعيد الكلامي” انتفى أيضاً، وقد يكون ذلك من الدلالات الأساسية على “نجاح” جزء أساسي من مهمّة هوكشتاين، والمرتبط بنزع فتيل النزاع المسلح.
مع هذا، ورغم “الهُدنة” القائمة، فإن “حزب الله” ما زال مُصراً على جعل تهديداته بالرّد على أي اعتداء، موضوعة على الطاولة. ووفقاً لمعلومات “لبنان24″، فإنّ النائب السابق نواف الموسوي كثف اتصالاته مع مختلف الشخصيات السياسية، كما أن قيادة حزب الله في حارة حريك بات لديها تصورٌ كامل عن ملف ترسيم الحدود بعدما قام الموسوي بإعداده مع مجموعة من المختصين والخبراء”.
أما على الصعيد العسكري، فقد كشفت المعلومات أن “حزب الله رفع من جهوزية فرق الرصد لديه، وقد جمع كافة المعطيات العسكرية المرتبطة بأي هجومٍ قد يحصل، في حين أن ما يجري حالياً هو دراسة لطبيعة التعاطي مع الباخرة العائمة قبالة حقل كاريش في حال نشوب أي نزاع”.
في المقلب الآخر، ما يتبين تماماً أن الحزبَ “تنفس الصعداء” قليلاً،
لاسيما أن الموقف اللبناني الحالي بشأن ترسيم الحدود، أعطاه حيزاً
من الوقت لدراسة المواقف والبناء عليها. ورغم ذلك، فإنّ الأمر لن ينتهي هنا،
إذ أن المطلب الأول والأساس من ناحية الحزب لم يتحقّق، ويتمثل بوقف الأنشطة الإسرائيلي
صوب حقل كاريش. وبحالِ لم يحصل هذا الأمر، فإنّ الحزب سيبقى على جهوزية تامة للرّد،
لكن المسار الذي يسيرُ عليه هوكشتاين قد يُمهد لهذه الخطوة ريثما يتم التوصل إلى صيغة
مشتركة بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
وإنطلاقاً من هذا الأمر، فإنّ قاعدة الإتفاق ما زالت “هشّة”
والأمور قد تتدحرجُ نحو مرحلةٍ مُغايرة للتوقعات القائمة. وفيما كانت
الوساطة الأميركية ترتبطُ بمعالجة مسألة الخطوط، إلا أن الرهان
كان يرتبطُ أيضاً بفتح الباب أمام لبنان للشروع بالتنقيب عن الغاز والنفط
من دون أي عوائق. هُنا، الأمر هذا لم يتظهر بشكل كامل في موقف لبنان الرسمي،
لكنه تم التلميح إليه عبر البيانات التي صدرت عن الرئاسات الثلاثة.
كيف سيكون الرّد الإسرائيلي؟
حتى الآن، فإنّ الموقف الإسرائيلي ما زال غامضاً لناحية الطرح اللبناني،
إذ لم تكن هناك أي مواقف حكومية إسرائيلية بشأن ما قيل عن موقف لبنان،
في حين أنّه لم تصدر أية معطيات من تل أبيب بشأن قبولها بالمقترح اللبناني من عدمه.
أما الأمر الأهم فهو أن الإسرائيليين لم يبدوا أي تعليق على تصريحات هوكشتاين بشأن المفاوضات،
ما يجعل حيثيات الملف ضائعة.
ومع أن الوسيط الأميركي أبدى ليونة بشأن تلقيه الموقف اللبناني،
إلا أنّه لم يكشف عن قبولٍ تام به، في حين أن قوله للبنان بأنه يجب الحصول
على شيء أفضل من لا شيء في الوضع الحالي هو أن لبنان سيدخلُ مرحلة
من التنازلات التي ستؤثر عليه، وبالتالي فإن عوامل القوة باتت تُسلب منه.
ضمنياً، فإنه بناء لكلام هوكشتاين، فإن الأميركيين قد يساهمون في دفع لبنان للقبول بـ”الفُتات”
مقابل سيطرة إسرائيل على ما تريده من حقول للغاز والنفط. مع هذا، فإن المتوقع هو أن
إسرائيل لن تقبل بالطرح اللبناني كما هو، بل ستكون هناك جولات عديدة من المفاوضات،
وعلى أساسها سيجري العمل على تحديد التوجهات الأخرى. وبمعنى أوضح، فإن إسرائيل لن
تقبل بما يريده لبنان، إذ أنها ستفرض شروطها التي ستلقى دعماً أميركياً في المقابل.
لهذا، فإن الرّد الإسرائيلي سيكونُ مستنداً على قاعدة القوّة أكثر
من استناده للقاعدة التفاوضية، الأمر الذي قد يفتحُ مجدداً مسألة
حصول نزاع مسلح، لأن الصورة تُظهر أن أي تنازل من قبل لبنان
يعني رضوخاً يشمل “حزب الله” أيضاً.. والسؤال الذي يُطرح هنا،
هل سيقبل الأخير بذلك أم سيأخذ المبادرة لشن حربٍ مفتوحة تكون هي نقطة الفصل في الملف؟