اللعب على حافة الهاوية.. قوى سياسية غير مستعجلة للحل
اللعب على حافة الهاوية.. قوى سياسية غير مستعجلة للحل
الرغم من الضغوط الفرنسية المدعومة إقليمياً، إلاّ أن التسوية في لبنان لا تبدو قريبة، وأكثر المتفائلين يتحدث عن تهدئة سياسية لمدة شهرين للتفاوض على حل يرضي كل الأطراف، لكن الواقع يوحي بأن أي من الأطراف الداخلية ليس مستعجلاً على الحلّ حتى لو كان في ذلك مخاطرة جدية على الإستقرار العام وعلى الواقع الإقتصادي والنقدي.
يوحي “التيار الوطني الحر” أنه أكثر المستعجلين لإنتخاب رئيس ويسعى الى إظهار الفراغ بإعتباره إضعافا للموقع المسيحي الأول في النظام، لكن عملياً لا يعمل “التيار” ورئيسه جبران باسيل على تدوير الزوايا مع القوى السياسية التي تخالفه الرأي إنما يسعى الى زيادة هامش مناورته لكسب الوقت.
من وجهة نظر عونية فإن إنتظار التسوية بحد ذاته مكسب، خصوصا في ظل عدم وجود إمكانية للتمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة او لقائد الجيش العماد جوزيف عون ، وهذا يعني ان حظوظ العماد عون ستتراجع بشكل تلقائي مع إنتهاء ولايته، في حين أن التمسك المسيحي برفض رئيس تيار المردة سليمان فرنجية سيحرق ورقته مع مرور الوقت.
من هنا بدأ باسيل تخفيف حدة إشتباكه السياسي والإعلامي مع “حزب الله” الذي سيتفاوض معه في نهاية المطاف، لكن في المقابل يمسك الحزب بشكل حاسم بورقة فرنجية ويعتبر بدوره أن الذهاب الى فراغ كامل سيجبر بعض الدول على الخوض في نقاش وتفاوض جدي من اجل إيجاد حل ينهي الفراغ في كل المؤسسات ويجنب البلد الفوضى.
وعليه فإن الحزب الذي سيصبح امامه خياران مع مرور الوقت وتكريس الفراغ، إما سير الجميع بخياراته او الذهاب الى انفراط كامل لعقد النظام السياسي، أي إتفاق الطائف من دون أي جهد فعلي من قبله، لذلك فإن الفراغ حالياً لا يشكل اي تهديد عملي للحزب ولا يؤدي إلى استنزافه سياسياً.
في المقابل، وفي ظل التقارب الإقليمي بين كل من المملكة العربية السعودية وإيران وسوريا بالتوازي مع التناغم الفرنسي مع طهران والرياض، لا تجد قوى المعارضة أمامها سوى إنتظار أحد امرين، إما فشل مسار التسوية في المنطقة أو تفرغ الولايات المتحدة الاميركية للشرق الأوسط مجددا ما يفتح الباب امام إعادة التوازن الى الساحة اللبنانية.
أمام كل هذا المشهد، يبدو أن الفراغ الرئاسي سيكون طويلا في ظل التوازن السلبي داخل المجلس النيابي والرهانات المتعددة على الوقت من قبل مختلف الأطراف، ما يعني أن الأشهر المقبلة ستشهد تسارع حدة الأزمة الإقتصادية والنقدية وربما الأمنية بالتوازي مع الفراغ في اكثر من موقع.