اخبار محلية

يحاربون ‘الشوب’ والفقر: بائعو الخضار يطفئون لهيب أجسادهم… بالمياه الباردة!

يسرع الحاج “أبو خضر” حبال خطاه وهو يجرُّ عربته المُحمّلة بالخضار والفواكة ليحتمي في ظل الأبنية السكنية هرباً من شمس تموز الحارقة، في وقت لا يستطيع فيه الجلوس في المنزل بسبب سعيه لتوفير مصروف اليوم وقوت عائلته من طعام وشراب.

و”أبو خضر” مثل عشرات العمال المُياومين الذين يسعون في مناكب الأرض طولاً وعرضاً، من أجل العيش الكريم في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية الخانقة التي أفقدت الليرة اللبنانية قيمتها وحوَّلت الكثير من المياومين إلى عاطلين عن العمل وتحت خط الفقر المدقع.

ويؤكد لـ “نداء الوطن”، لا نعرف العطل أو الراحة أبدا، اليوم الذي نعمل فيه نأكل وبالكاد… والذي لا نعمل فيه نموت جوعا، وع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة نسعى للهروب من قيض الصيف بالاحتماء من أشعة الشمس بالمباني السكنية المجاورة، وفي الشتاء تحت أي خيمة اتقاء للمطر.

و”أبو خضر” ليس أفضل حالا من محمود حنقير، وهو بائع خضار و”ديليفري” في الوقت ذاته، يجلس على دراجته الهوائية ويُفرغ بشوق عبوة مياه على رأسه ليطفئ لهيب حرارته، ويقول “إنه تموز الحارق وقد قالوا عنه “ألمي بتغلّي بالكوز” ونحن نغلّي تحت أشعة الشمس، لا مفر من المياه الباردة وخاصة أثناء الانتقال من حي إلى آخر لبيع الخضار والفواكه”.

ويقول حنقير “هذه السنة الحر شديد جدا بخلاف السنوات السابقة لقد أطلقوا عليها القبة الحرارية، فالأرض تغلي والشمس لا ترحم، لذلك أحرص على إحضار عبوات المياه وأقوم بين الفينة والأخرى بإطفاء حرارة جسمي بها وأشعر كأني جمرة وقد أخمدت إلى حين”.

ويعاني معظم باعة العربات الجوالة من التعب والإرهاق في ظل ارتفاع موجات الحرارة والرطوبة… فالمظلة فوق رؤوس بعضهم تقي شيئا من وهج الشمس، “لكن الجو حار وعلينا كسب معيشتنا كيفما كان ولو على صحتنا وحيوية أجسادنا، يقول حنقير “إنها الحياة التي تتطلب العرق بعيدا عن مد اليد أو السؤال”.

في أحد شوارع المدينة، يحمل البائع أحمد حسين منشفة لتجفيف عرقه ورطوبة وجهه وهو ينادي على خضاره بصوت مخنوق، ويقول لـ “نداء الوطن”، عند اشتداد الحرارة اضطر إلى المناداة على الفواكه والخضار بسعر أقل من أجل بيعها سريعا والعودة إلى المنزل ولو كانت الغلة قليلة، أحيانا أدفع بعض المال على شراء المزيد من الدواء في حال أصيبت بعارض صحي”.

ومنذ بدء الأزمة المعيشية امتهن الكثير من الشباب والمياومين الذين وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل بيع الخضار والفواكة والعصائر على عربات ثابتة أو جوالة، ينتقلون صباحاً وظهراً وعصراً بين مكان وآخر بحثا عن قوت عيشهم.

ويقول “أبو محمد” الجويدي، لقد اخترت الوقوف تحت فيء شجرة تجنبا لضربة الشمس، ولكن الحرارة لم ترحم جسدي المريض، فيما حاجة عائلتي كبيرة ولا يمكن الركون إلى البيت بيد خاوية، فالأزمة المعيشية فرضت علينا نمطاً جديداً وساعات إضافية من العمل لتأمين المال الكافي في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار واشتراك المولد والكهرباء والدواء وسواهم”.

المصدر: نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى