اليكم أفشل زعيم دولة عظمى!
إيمانويل ماكرون هو أفشل زعيم دولة عظمى في إدارة شؤون الحكم في الداخل والخارج!!
تجارب فاشلة مستمرّة ومتتالية في كلّ ملفّ تصدّى له، ولولا التصويت السلبي لمنع السيّدة مارين لوبان من الفوز بالرئاسة لما وصل هذا الرجل مرّة ثانية إلى مقعد الرئاسة.
داخلياً فشل ماكرون في تنفيذ أيّ وعد انتخابي دخل به ساحة السباق الرئاسي.
لم يُخفض عجز الموازنة. لم ينظّم ملفّ الهجرة. لم ينجح في خفض التضخّم والبطالة. لم يستطع السيطرة على الإرهاب. لم يحقّق للشرطة مطالبها بتحسين الأمن. لم يستطع السيطرة على الاضطرابات والتظاهرات والإضراب عن العمل. لم ينجح في ملفَّيْ الضمان الصحّي والتقاعد. وكانت قمّة الانكشاف في إدارة البلاد أثناء أزمة كورونا وسقوط النظام الصحّي في امتحان الوقاية والرعاية وتوفير اللقاحات.
خارجياً، وبعد خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، وتقاعد مستشارة ألمانيا السيّدة أنجيلا ميركل، فشل ماكرون في أن يملأ الفراغ الذي خلّفاه، وفشل في لعب دور القائد الأوروبي أو الوسيط أو حتّى الممثّل لهذا التجمّع.
فشل في الوساطة مع موسكو في ملفّ الحرب الروسية الأوكرانية، بل عومل بمهانة متعمَّدة عند زيارته العاصمة الروسية.
فشل ماكرون في محاولة رأب الصدع بين الصين والولايات المتحدة.
فشل في تليين موقف طهران من نصوص الاتّفاق النووي الجديد.
على الرغم من محاولاته المستميتة، وعلى الرغم من العلاقة التاريخية مع لبنان، فشل في عقد تسوية سياسية تأتي برئيس جمهورية توافقي وحكومة فاعلة.
على الرغم من “عمله” عند إيران في الملفّ اللبناني، وصل إلى طريق مسدود في العلاقة مع طهران أخيراً، فهاجمها في خطابه الأخير وردّ عليه وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان أثناء زيارته إلى بيروت الجمعة.
في لبنان جرّب كلّ شيء: الزيارة الشخصية، الاجتماع مع القيادات في بيروت، استقبال القيادات في الإليزيه، إرسال مندوبين على مستوى وزارة الخارجية، جان إيف لودريان، وفود برلمانية، تنشيط دور السفارة… ولم يسفر ذلك عن شيء.
لوحظ أيضاً من خلال عضوية فرنسا في اللجنة الخماسية المتابِعة للشأن اللبناني تذبذب الرؤية والرهانات والتصوّرات الفرنسية في هذا الملفّ وتخبّطها.
ويظهر الفشل الأكبر للسياسة الفرنسية في عهد ماكرون في ملفّ إفريقيا الفرنكوفونية، وذلك خلال العامين الماضيين حين بدأت فرنسا تفقد تباعاً وبشكل متسارع نفوذها على إفريقيا السوداء. فهي ترتبط بعلاقات مميّزة واتفاقات عسكرية ثنائية مع 40 دولة إفريقية. ولها خبراء ومدرّبون عسكريون في 24 دولة منها. وأخيراً جدّدت فرنسا اتفاقاتها العسكرية مع 8 دول منها: إفريقيا الوسطى، الكاميرون، توغو، جزر القمر، ساحل العاج، جيبوتي، الغابون، السنغال.
وها هي الآن تواجه إنذاراً بترحيل قواتها بطلب رسمي من مالي وبوركينا فاسو والنيجر والغابون.
لدى فرنسا 3 قواعد عسكرية مميّزة في كلّ من جيبوتي، وشمال النيجر، والغابون.
الوجود الفرنسي في تلك الدول عنوانه الرسمي مقاومة الإرهاب ومضمونه الحقيقي السيطرة على الموارد الطبيعية من يورانيوم وغاز وبترول. وتسيطر فرنسا على هذه الدول ماليّاً واقتصادياً من خلال ما يُعرف بالعملة الإفريقية، وهي عملة خاصة للمعاملات بين هذه الدول وفرنسا.
بموجب هذه السيطرة فإنّ 78% من مبيعات السلاح الفرنسي هي لهذه الدول، وثلث موارد الطاقة الفرنسية هي من هذه الدول، حتى قيل إنّ لمبة واحدة من كلّ 3 لمبات تضيء فرنسا تأتي من يورانيوم النيجر وبترول الغابون. والمؤلم أنّ فرنسا تسعّرهما بسعر خاصّ أقلّ من قيمته السوقية بـ 70%!
الشيء الوحيد الذي نجح فيه ماكرون، ولا فضل له فيه، هو مبيعات السلاح الكبرى لكلّ من السعودية والإمارات والهند ومصر وقطر، وتحقيق اکتشافات الغاز في الجزائر ولبنان.
يقول خبير خليجي في الشؤون الفرنسية:
“ما دامت شركة “داسو” في السلاح وشركة “توتال” في الطاقة، فإنّ المبيعات مستمرّة بصرف النظر عمّن يحكم فرنسا”.
آخر مأساة تعكس سوء الإدارة الماكرونية ظهرت في الساعات الأخيرة عند إصراره على بقاء السفير الفرنسي في نيامي، عاصمة النيجر، على الرغم من البيان الرسمي الصادر عن سلطة الانقلاب والذي طلب مغادرة السفير وزوجته في خلال 48 ساعة.
إصرار ماكرون على بقاء السفير كيد سياسي عاطفي لا مستقبل له، ويعرّض السفير وأسرته وفريق السفارة للخطر والمهانة بعدما تمّ رفع حماية الحصانة الدبلوماسية عنهم.
الخطأ الثاني هو إعلان ماكرون أنّه يتواصل يوميّاً مع الرئيس السابق محمد بازوم وأنّه لن يصدر أيّ قرار خاصّ بالنيجر إلّا من خلاله.
في هذا الصدد يتساءل المراقبون: ما فائدة الاتصال الهاتفي مع رئيس معزول فقدَ شعبيّته في انقلاب عسكري يؤيّده الشارع الذي يرفع صورة بوتين ويحرق العلم الفرنسي؟!
بالطبع يتغافل ماكرون عن نجاح القمّة الروسية الإفريقية، وعن برنامج العقاب الصيني الإفريقي، وعن وجود ميليشيا فاغنز الروسية في المنطقة، وعن الوفد العسكري الروسي الذي يتنقّل بين بورکينا فاسو ومالي والنيجر الآن.
لذلك لا عجب حينما يصنّف دبلوماسي فرنسي سابق الوضع كما يلي: “يحقّ لجامعة السوربون أن تمنح ماكرون شهادة دكتوراه في الفشل السياسي بامتياز مع مرتبة الشرف”!
عماد الدين أديب – اساس ميديا