اقتصاد

سيناريوان أمامنا إقتصادياً: إذا تورّطنا أو لم نتورّط مباشرة بالصراع!

على وقع قرع طبول الحرب، مع تصاعد التوتّرات على الحدود الجنوبية اللبنانية، تزامناً مع الحرب المتفجّرة منذ خمسة أيّام بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزّة، تتزايد المخاوف من مدى مطاولة شظايا تلك الحرب لبنان اقتصادياً. تتفاوت التداعيات السلبية بحدّها الأدنى والتحصيل الحاصل، بين عرقلة سلاسل الإمداد وارتفاع أكلاف الشحن الى لبنان ومعها ارتفاع التضخّم نتيجة زيادة أسعار المحروقات والـFuel surcharges، تواكبها أكلاف التأمين على الحرب والمعروفة بـwar risk premium نظراً الى ارتفاع نسبة المخاطر جرّاء عبور بواخر الشحن أو الطائرات الى منطقة البحر المتوسط…

وقبل التطرّق الى تداعيات الحرب على الشقّ التأميني، لا بدّ من التعريج على شقّ التأثيرات الإقتصادية على لبنان، وحول ذلك اعتبر الأستاذ الجامعي والاستشاري في الشؤون المالية والإدارية مروان القطب خلال حديثه الى «نداء الوطن» أن «الحرب المندلعة في غزة حالياً سيكون لها تأثير اقتصادي على لبنان. إلّا أن ذلك التأثير يتفاوت بين ما إذا دخل أو لم يدخل لبنان فعلياً في الحرب من خلال جبهة الجنوب.

السيناريو الأول

في السيناريو الأول، أي في حال لم يدخل في الحرب أو لم تفتح جبهة الجنوب، عندها تترتّب علينا كلفة، تتظهّر من خلال التالي:

أ- إرتفاع تكاليف النقل البحري لأن الحرب ستؤثر على سلاسل الإمداد بصورة واضحة خصوصاً أن غزّة قريبة من قناة السويس، ما سيرفع من الكلفة وقد يؤدي الى عرقلة سلاسل الإمداد بصورة أو بأخرى، عدا عن أن كلفة التأمين البحري سترتفع ما يعني أن كلفة الاستيراد ستزيد.

– الأجواء المضطربة ستعرقل حركة المغتربين من وإلى لبنان ومعهم حركة تدفّق الدولار النقدي الى البلاد، إذ إن عدداً كبيراً من اللبنانيين سيحجم عن القدوم الى البلاد. كما أن عدداً كبيراً من المقيمين في لبنان ويعملون في مجال تقديم خدمات إستشارية، سيفضل البقاء في لبنان خشية تفاقم الحرب والاضطرار الى البقاء في الخارج لظروف قاهرة.

وهناك سبب آخر لتقليص تدفّق الدولار الى لبنان من الخارج، هو إقدام الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية على تنفيذ توجّهاتها بوقف المساعدات الى الفلسطينيين، وفي لبنان يتلقّى اللاجئون الفلسطينيون مساعدات من الخارج بالدولار النقدي الـ»فريش»، ما سيؤثّر سلباً على الإقتصاد وعلى عرض الدولار في الاقتصاد اللبناني.

السيناريو الثاني

أما إذا دخل لبنان في الحرب، فعندها ستكون الكلفة عالية جداً على الاقتصاد اللبناني، وستحدث دماراً في البنية التحتية، وتقضي على ما تبقّى من مرافق عامة ومرافق صحيّة وأخرى تتعلّق بالماء والكهرباء والاتصالات، تداعياتها ستكون كارثية على الاقتصاد اللبناني، هو بغنى عنها في الوقت الراهن. عدا طبعاً عن الحصار الذي سيمارس علينا، وعدم توفّر الموارد اللازمة لمواجهته. وبذلك لن تكون الأزمة إقتصادية فحسب بل إنسانية، وقد لا نكون مستعدّين لمواجهة تلك المرحلة نتيجة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي عاشها لبنان والتي لا نزال نتخبّط بها.

إرتفاع بوالص التأمين

وعن ارتفاع أكلاف الشحن ومعها أقساط بوالص التأمين، أكّد رئيس جمعية شركات الضمان أسعد ميرزا لـ»نداء الوطن» أن «كلّ أقساط بوالص التأمين ضد الحرب (للذين يشترون مثل تلك البوالص) للشحنات المتّجهة الى لبنان حديثاً ستتغيّر تسعيرتها جوّاً وبحراً». ويعود السبب الى تنامي المخاطر مع اندلاع الحرب في منطقة البحر الأبيض المتوسّط والتي يقع لبنان في نطاقها، إذ هناك خطر من سقوط قذائف على شحنات متّجهة الى لبنان أو أخرى وصلت الى البلاد. فمعيد التأمين قد يلغي التغطية التأمينية خلال الحرب والتي تحمل اسم war risk premium، وقد يبقي على تلك البوليصة ولكن مع زيادة في أسعار الأقساط التأمينية للبوليصة ضد الحرب، مع العلم الى أن أقساط التأمين على الحياة سترتفع بدورها.

كلفة الشحن

لكن الى أي حدّ ستنعكس زيادة كلفة الشحن وبوالص التأمين على المستهلك؟ أوضح الخبير الاقتصادي باسم البوّاب لـ»نداء الوطن» «أن ارتفاع أقساط مخاطر الحرب التأمينية على البواخر والطائرات، على الركاب والـ»كونتينرات»، سينعكس ارتفاعاً على المستهلك». وأضاف: «إلا أن نسبة الزيادة ليست كبيرة، إذ قد ترتفع على الـ»كونتينر» الواحد نحو 300 أو 400 دولار، سيسدّد كلفة الشحن تلك التاجرُ الذي بدوره سيعكسها على المستهلك، والتي ستكون بسيطة إذ قد تتراوح بين 1 و2% كحد أقصى على السلعة الواحدة».

وإلى تصاعد أكلاف الشحن قد تطرأ زيادة على أسعار تذاكر السفر كما يحصل في العادة في مثل هذه الأوضاع، عدا عن أقساط بوالص التأمين على السفر وعلى الحياة والتي يسدّدها المسافر. وسيكون كل ذلك كنتيجة مباشرة لزيادة أقساط بوالص التأمين على الحرب premium war risk ورسوم الوقود الإضافية Fuel surcharge بسبب زيادة أسعار الوقود عالمياً.

أسعار تذاكر السفر

ولكن لغاية الساعة وبعد مرور 5 أيام على بدء «طوفان الأقصى» وإعلان إسرائيل الحرب، لا تزال أسعار تذاكر السفر من والى لبنان نفسها بل على العكس تراجع سعرها كما أكّد رئيس نقابة مكاتب السياحة والسفر جان عبود لـ»نداء الوطن»، ويعود سبب هذا التراجع كما أشار الى «انتهاء موسم الصيف وتراجع الحركة جرياً على العادة السنوية. على أن تستمرّ الأسعار على هذا المنوال لغاية بداية كانون الأول. أما عن تأثير ارتفاع أسعار تذاكر السفر بسبب إمكان زيادة أسعار النفط عالمياً، قال إن ذلك «محسبلو حساب» إذ تمّ الأخذ في الإعتبار هذا الأمر عند تحديد أسعار التذاكر، ولن يؤثّر ارتفاع سعر النفط عالمياً على أسعار التذاكر».

باتريسيا جلاد – نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى