اقتصاد

إجراءات الإستقرار قائمة… ماذا لو توسّعت الحرب

إستوعب لبنان الأصداء الأولى للحرب التي اندلعت في غزة، ثم على حدوده الجنوبية. هي ليست مواجهة عابرة، بل كرّست على المستوى اللبناني كل عناصر الحرب، رغم محدودية مساحات القتال الدائر بين إسرائيل و “حزب الله” بطول 100 كلم وعمق 3 كلم.

فالعناصر المكونة للحرب الدائرة على الجبهة الجنوبية، تبدأ بالخسائر البشرية المتبادلة في لبنان وإسرائيل، وبالنزوح على جانبي الحدود، سواء من المستوطنات الإسرائيلية بصورة كاملة و البلدات اللبنانية الحدودية بشكل جزئي، كما بتوقف السياحة في البلدين، ما قضى على مصدر مالي أساسي.

ومن ضمن هذا السياق، تشير مصادر مطلعة ل”ليبانون ديبايت”، إلى أن القطاع المالي الإسرائيلي، قد خسر عشرات المليارات، وتراجعت قيمة الشيكل 8٪؜، رغم ضخّ 30 مليار دولار من الإحتياطي في البنك المركزي الإسرائيلي، بالإضافة إلى تجميد دورات الاقتصاد.

وإذا كانت تل أبيب تستطيع أن تعوّض خسائرها، فإن لبنان المأزوم مالياً منذ سنوات مضت، لا قدرة له على جذب الدعم المالي، غير أن اللافت جداً، كما تؤكد المصادر هو أن لبنان استطاع أن يحافظ على استقراره النقدي القائم نسبياً، ولم تهتزّ الليرة التي بقيت قيمتها أمام الدولار 89400 للمبيع و 89700 للشراء، رغم الحرب على الحدود.

وعن السبب الأساسي وراء هذا الإستقرار، فتعيده المصادر إلى إجراءات اتخذها مصرف لبنان المركزي بالتعاون مع الحكومة. لكن هل تبقى مفاعيلها قائمة؟

هنا، وفي معرض الرد على هذا التساؤل، تتحدث المصادر عن قدرة لبنان على الصمود باستقراره الحالي في حالتين:

-أولاً، عدم توسّع الحرب إلى كل لبنان، وبقاء الستاتيكو الحالي.

-ثانيا، إستمرار التعاون جدّياً بين الحكومة والمصرف المركزي والمصارف، عبر ضبط ضخّ الليرة اللبنانية في السوق منعاً للتضخّم.

وتكشف المصادر معلومات عن أن إجراءات المركزي، أدت إلى تخفيض حجم العملة اللبنانية في السوق، فوصلت إلى 57 تريليون ليرة، بعدما كانت 61 تريليون ليرة عند تسلّم الحاكم بالإنابة وسيم منصوري مهامه في مطلع شهر آب الماضي، بينما يجري دفع كل المستحقات للشركات والمتعهدين المتعاقدين مع الدولة اللبنانية.

بذلك، يُصبح ثبات الإستقرار النقدي إنجازاً واقعياً رغم وجود حرب مفتوحة على الحدود الجنوبية، لكن المصادر المطّلعة تقول إنّ توسيع مساحات الحرب سينعكس سلباً على مسار الإقتصاد وبالتالي الوضع المالي في لبنان، رغم كل الخطط التي أعدتها الحكومة اللبنانية لمواكبة أي مستجدات.

وإذا كان المصرف المركزي يؤمّن رواتب الموظفين في القطاع العام بالدولار، ويبدو أنه مستمرٌ لأشهر مقبلة، إلى جانب تأمين حاجات المؤسسات الأمنية والعسكرية أيضاً، ولوازم قطاع الصحة والطبابة، فإن تطور أو توسيع مساحات الحرب، هو أكبر من قدرات الدولة اللبنانية على الصمود أمام أهوال المعارك، وتُصبح بالتالي متطلبات المرحلة، بحاجة إلى تشريع نيابي بالصرف المالي الذي يرفضه منصوري من دون إصلاحات تضمن إعادة الأموال، لكن أي ضغوط ميدانية حينها ستفرض على مجلس النواب التحرّك باتجاه تشريع الحلول والحاجات.

وتستبعد المصادر توسيع الحرب باتجاه العمق اللبناني، بل تتوقع بقاءها في إطارها القائم حدودياً في الجنوب، ممّا يُبقي الإستقرار الحالي مستمراً، في حين أن الإستدامة تحتاج إلى تشريعات ليست متوافرة لغاية الآن.

ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى