إسرائيل تترقب كلمة نصرالله: لسنا ذباباً في فنجان شايِه
يترقب الإعلام العبري، أسوة بالمستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل، الكلمة الموعودة لأمين عام حزب الله حسن نصر الله الجمعة.
واستبقت محطات التلفزة الإسرائيلية الكلمة المرتقبة بتخصيص جلسات تحليل لما سيقوله نصر الله، خاصة الفيديوهات التي ينشرها أنصار الحزب، للأمين العام، سواء التي أظهرته وهو يمر من أمام علم الحزب أو الأخيرة التي ظهر فيها وهو يكتب مجموعة من الأوراق، في إيحاء لشيء ما سيقوله ارتباطاً بالمواجهة وشكلها مع إسرائيل، بالتزامن مع التصعيد الحاصل على حدود لبنان مع شمال فلسطين المحتلة.
ورغم أن الفيديو الأخير لنصر الله قد نشره أنصاره وليس إعلامه الرسمي، إلا أن الإعلام العبري تعامل معه كمحتوى صُوّر ونُشر من الدائرة الإعلامية في توقيت حساس، بهدف “اللعب بالأعصاب” وإثارة “الغموض والتساؤلات”؛ كي يدفع القريب والبعيد إلى التأهب للاستماع لما سيقوله نصر الله في خطابه المقبل.
“لعبة نفسية قوية”
وعلق مراسل تلفزيون “مكان” العبري الموجود على الحدود الشمالية، على فيديوهات حزب الله بالقول إن الأخير “يلعب لعبة نفسية قوية وتأخذ صدى هذه الأيام قبل كلمة نصر الله”، منوهاً بالفيديو الذي ظهر فيه أمين عام حزب الله وبدا فيه وكأنه يكتب قراراً “مهماً” بشأن المعركة سيتلوه خلال الساعات المقبلة.
كما اعتبر المراسل الإسرائيلي أنّ المعركة الإعلامية التي يخوضها الحزب بموازاة المواجهة الميدانية على الحدود تندرج أيضاً في سياق الحرب النفسية، وكذلك الحال بالنسبة لإعلانات الحزب عن توجيه ضربات لأهداف عسكرية إسرائيلية مُحكَمة قرب الحدود، وهي أمور حرص الإعلام العبري بقرار من الرقابة العسكرية أن يُخرجها من سياق المصداقية ويضعها في سبيل “التضخيم والمبالغة”، بدعوى أنها تندرج في إطار “ادعاءات ولعبة نفسية من قبل الحزب”.
وحاولت هيئة البث الإسرائيلية أن تبالغ في ما يتعلق بالردود الإسرائيلية وخسائر حزب الله، قائلة إن الجيش الإسرائيلي استبق كلمة نصر الله بتعزيز وجوده بشكل مكثف على طول الخط الأرزق، وأنه استعد لأي سيناريوهات دراماتيكية مرتقبة. وأشارت إلى أنه ألقى قنابل حارقة تجاه الأشجار والأراضي الزراعية في جنوب لبنان، لتعرية حزب الله وانكشاف مقاتليه وعدم تمكينهم من التواري بين الأشجار، بموازاة الادعاء أن “طائرات مُسيّرة إسرائيلية تلاحق المسلحين في الجانب اللبناني”.
“حزب الله منقسم.. بل حائر”!
واستضاف تلفزيون “مكان” العبري، باحثاً في شؤون إيران وحزب الله، ضمن تغطيته المستمرة للحرب على قطاع غزة والتوتر الجاري في الجبهة الشمالية. وحاول المذيع أن يظهر حزب الله منقسماً حيال خوض حرب واسعة مع إسرائيل الآن، عبر سؤاله: “هل هناك انقسام داخل حزب الله؟ هل سيدخل الحرب أم ستقتصر مشاركته على تدخلات محددة؟”.
وأجابه الباحث الإسرائيلي أليكس غرينبيرغ أنه لا يعرف حقيقة الإنقسامات، وقال إنه “يجب أن يكون ذباباً في كأس شاي نصر الله حتى نعلم ذلك”، في إشارة إلى جوانب غامضة تخيم على موقف الحزب من خوض حرب في هذا التوقيت تحديداً.
لكنّ الإعلام العبري سعى أيضاً ضمن الحرب النفسية المضادة أن يظهر حزب الله حائراً ومتردداً، عبر القول إن ثمة معضلات تواجه الحزب في اتخاذ القرار النهائي. وهنا يستدرك باحثون وكتّاب إسرائيليون، قائلين: “إن الوحيد الذي يتخذ القرار النهائي في حزب الله هو حسن نصر الله بالتنسيق مع إيران”. وذهبت أقلام إسرائيلية إلى تخيل السيناريو الذي سيعلن عنه أمين حزب الله، على نحو يمكنه تطبيقه عملياً، هو توسيع مساحة المواجهة العسكرية، بموازاة تكثيف العمليات القائمة على الحدود، لكن من دون أن يستثمر كل إمكاناته؛ بدعوى أن “إيران غير معنية بإبادة حزب الله في معركة مع إسرائيل، باعتباره “ثروة استراتيجية لإيران”، حسب التعبير الإسرائيلي.
“دق أسفين”
وراحت نشرات الأخبار العبرية إلى دق أسفين بين حركة “حماس” وحزب الله، بالقول إن أطرافاً من حركة حماس تحدثت في الغرف مغلقة بأن “الحزب طعن حماس بالظهر ولم يتدخل بشكل ومستوى تعهد بهما في حال نشوب حرب كبيرة على الحركة في غزة كما يجري اليوم”.
بيدَ أن باحثين استراتيجيين في إسرائيل لم يستهينوا بفرضية الانجرار إلى الحرب الشاملة، بقولهم إن الضغوط القائمة والجو المتوتر حالياً يمكن أن يفجر الأوضاع ويذهب إلى حرب إقليمية نتيجة خطأ هنا أو هناك.. ورأى أصحاب هذا الرأي أن الأمر الجوهري هو أن يأتي “الأب الأكبر” أي الولايات المتحدة من أجل وقف الحرب على غزة والدفع بحل سياسي، من منطلق أن “كل الأطراف حققت إنجازات في المعركة الحالية”.
ومن غير المستبعد أن يكون سماح إسرائيل بفتح معبر رفح البري لخروج عشرات المصابين بجراح خطيرة للعلاج في مستشفيات مصرية وإدخال كميات من المساعدات، بمثابة محاولة إسرائيلية لضبط إيقاع التصعيد الجاري في الجبهة الشمالية مع لبنان. ولعل ما قاله المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل بشأن رغبة إسرائيلية بالتغطية على الهجوم البري من خلال خطوة معبر رفح، يؤشر إلى ارتباط محتمل بمحاولات أميركية وإسرائيلية لعدم تطور وتيرة التوتر القائم حالياً في الجبهة الشمالية، وأيضا لتخفيض مستوى الغضب الشعبي العالمي.
أما الصحافي الإسرائيلي من اصل لبناني، إيدي كوهين، فقد أعاد نشر فيديو نصر الله الأخيرة في صفحته في موقع “X”، وعلق عليه مهدداً: “إن تجرأت ستندم”، في سياق الادعاء أن “إسرائيل ستغتال نصر الله وسيلقى المصير نفسه لقائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني”.
حرب رقمية ضد حزب الله
في غضون ذلك، تشن إسرائيل حرباً موازية على حزب الله في مواقع التواصل، إذ زعم للموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت احرونوت” أن إسرائيلياً يُدعى مايكل فرويند تقدم بطلب إلى موقع X لإغلاق صفحة لحزب الله في الموقع بدعوى أنها “منظمة إرهابية”، وادعت الصحيفة العبرية أن إدارة الموقع استجابت للطلب وأغلقت الصفحة، وتعهدت بعدم السماح للحزب بفتح صفحة أخرى.
وتباهى فرويند، وهو ناشط ومؤسس منظمة إسرائيلية متخصصة باستقدام اليهود من العالم إلى أرض فلسطين، بـ”نجاحه في إقناع موقع (إكس) بلإغلاق صفحة حزب الله”، وقد طرح نفسه كمتصدر للحملة الإعلامية ضد ما وصفه بـ”محور الشر”، مشيراً إلى أنها “جهود مهمة خاصة في مثل هذه الأيام”.