اقتصاد

خطة الطوارئ “تجليطة” و مصرف لبنان يرفض تمويلها إلا بقانون

بعد إقرار خطة الطوارئ الحكومية، يكبر السؤال عن كيفية تمويلها. مصادر وزارية أكدت «أنّ الكلفة الأولية قد تتجاوز 400 مليون دولار، والتمويل من مصادر متعددة تبدأ من الموازنة العامة، ومن جهات خارجية، خصوصاً البنك الدولي، ومن مصرف لبنان». وعندما سئل وزراء عن صعوبة اللجوء الى البنك المركزي بعدما صرّح الحاكم بالإنابة وسيم منصوري بأنه «لن يقرض الدولة بالدولار كما بالليرة»، وأنّ عليها البحث عن مصادر تمويل أخرى، كان ردّ الوزراء «أنّ الظروف استثنائية، وتعلو على أي أولويات أخرى إذا توسعت الحرب من الشريط الحدودي الى عموم لبنان».

وتتكرر تبريرات المصادر الوزارية، كما أوضح مراقبون، على نحو أعاد التذكير «بالخطيئة التي ارتكبها رياض سلامة في تمويل الدولة من أموال المودعين».

وأكدت مصادر نقدية مقربة من منصوري أنه «ليس أمام الحكومة ومجلس النواب إلا إعداد وإقرار مشروع قانون يسمح بالاقتراض من مصرف لبنان، وأي كلام آخر مرفوض. علماً أنّ منصوري لا يريد تمويل الحكومة مطلقاً، لا بقانون ولا بغيره». وقالت: «أمّا التذرّع بالظروف الاستثنائية، فما على نواب الشعب إلا إقرار قانون للاقتراض من أموال الشعب، وتهرّبهم من هذا الاستحقاق لن تغطيه شعارات شعبويتهم التي صارت مكشوفة. وخير مثال ما يحصل في درس موازنة 2024 التي يسعى نواب لتجريدها من مواد ضريبية من دون اقتراح أي بديل لزيادة ايرادات الدولة».

وكشفت المصادر «أنّ النواب يتهربون من أي طرح إصلاحي، رغم أنهم يدّعون خلاف ذلك، وسيتهربون من إقرار قانون استقراض من مصرف لبنان، وسيتقاذفون المسؤوليات على عادتهم من دون أدنى حسّ بالمسؤوليةعن توفير موارد للدولة لمواجهة استحقاقات خطيرة مثل تنفيذ خطة طوارئ، إذا توسعت الحرب وتفاقمت تداعياتها الكارثية».

وختمت المصادر بالاشارة الى «أنّ في البرلمان نواباً يناصبون الحكومة العداء، ولا يريدون تحمل مسؤولياتهم. وأسطع دليل هو تقاعسهم عن إقرار قانون إعادة التوازن للانتظام المالي و»الكابيتال كونترول»، وغيرهما من مشاريع القوانين الاصلاحية المتوقفة، والتي يتوقف معها الاتفاق مع صندوق النقد. وذرائع النواب كثيرة أبرزها الحرص على المودعين بشعارات وهمية».

تجدر الإشارة الى أنّ ما بقي في مصرف لبنان من احتياطي صافٍ لا يتجاوز 8 مليارات دولار، وهي أموال للمودعين في حقيقة الأمر.

كما كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”: 

شارك النواب يوم الثلاثاء الفائت في جلسة اللجان النيابية المشتركة لمناقشة الحكومة في خطة الطوارئ الوطنية، وخرجوا بانطباع أنّها خطة لا تُسمن ولا تغني، وبعضهم أكد لـ»نداء الوطن» أنّ الحكومة تريد أن تقول للبنانيين «أنا موجودة وأتابع الأوضاع»، على قاعدة تحسين شروطها في مرحلة تصريف الأعمال والشغور، حتى أنّ أحد النواب الشماليين وصف الخطة بالقول «تجليطة».

عام 2006 خلال عدوان تموز على لبنان، تسابق أهالي الشمال لاستقبال النازحين من قرى الجنوب والبقاع ومن الضاحية، وفتحوا بيوتهم ومدارسهم ومراكزهم رغم أنّ العدوان أتى بعد عام على اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تلاه من أجواء مشحونة في البلد.

أثبت أهالي الشمال وعكار أنهم يترفّعون على الخلافات السياسية أمام أي تهديد مصيري للدولة والشعب، ولأنّ البلاد تعيش حالياً لحظات من القلق والتخوّف من توسّع حرب غزة لتطال لبنان، ولأنّ بعض إرهاصات الحرب تدور في مناطق جنوبية عاد الناس بالذاكرة إلى حقبة 2006 وما حصل خلالها. أشخاص يسابقون الأحداث ويبدون استعدادهم لاستقبال أي نازح جنوبي، مع فارق أنه في 2006 لم تكن لدى الحكومة وقتها خطة للنزوح أو للتعامل مع أي حدث طارئ، في حين أنّ حكومة تصريف الأعمال وضعت خطة طوارئ للمستجد من الأحداث، وبالأخص إذا توسعت الحرب الإسرائيلية على لبنان. فهل شملت هذه الخطة مناطق الشمال، ولا سيما عكار وطرابلس؟

بعض نواب الشمال أشاروا إلى هذا الأمر قبل أيام، وقبيل انعقاد جلسة اللجان المشتركة في مجلس النواب، عندما دعوا الحكومة إلى الأخذ في الاعتبار مناطق الشمال، وهي تضع خطة الطوارئ لاحتواء تداعيات أي عدوان، من خلال تأمين دعم أكبر للمستشفيات والمراكز الصحية والوقوف إلى جانب المؤسسات التي تتعامل بالشأن اليومي والحياتي للمواطن ودعم صمودها.

هذا الطرح يفرض نفسه لكون مناطق عكار وطرابلس والمنية والضنية استقبلت الكثير من النازحين عام 2006، وقتها كانت أوضاع الناس والبلد أفضل، فكيف يتمّ تأمين صمود الناس من نازحين أو من يستقبلهم هذه الفترة في ظلّ الظروف الصعبة؟ وهل تلحظ الخطة الحكومية هذه المسائل؟

يوم الثلاثاء الماضي ناقشت اللجان المشتركة في مجلس النواب الحكومة في خطة الطوارئ الوطنية، من أجل تعزيز الجهوزية لمواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي. نائب شمالي قال لـ»نداء الوطن»: «الخطة الحكومية «تجليطة» ولا تعدو أكثر من رفع عتب على مقولة إننا قمنا بما علينا. فهي لا تزال مجرد أفكار ورؤوس أقلام قيد النقاش، وهي خطة إيواء أكثر منها خطة جهوزية وسدّ الثغر والتعامل مع الأزمات أينما وجدت». وأضاف: «هي ليست خطة إنمائية لتتنقل بين المناطق وتؤمّن مستلزماتها، ولا تعدو أكثر من فتح بعض المدارس مراكز للإيواء في حال حصول نزوح إلى هذه المناطق».

وتشير المعلومات إلى أنّ تمويل الخطة لا يزال موضوع نقاش، فبعض أفكار الحكومة بحسب نواب شماليين برّاقة من الخارج، ولكنها غير قابلة للتنفيذ وتمويل بنودها مفقود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى