متى يظهر تيار المستقبل بـ New look
لا يختلف اثنان على قوة التمثيل الشعبي لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري داخل البيئة السنية. كما لا يختلف اثنان على ضعف الحريري نفسه في ادارة رصيده السياسي الذي بدأ بعد استشهاد والده عام 2006 وأخذ يسلك طرق التسويات والتنازلات الى أن برزت الانشقاقات داخل صف التيار الازرق وحجز البعض مكانة له داخل الطائفة السنية بعيدا عن الحريرية السياسية ولعل اللواء اشرف ريفي خير مثال على ذلك.
مع الحريري الابن كل شيء كان معاكسا، من التطورات الاقليمية وانعكاساتها على الساحة الداخلية وتحديدا بعد انهيار نظام صدام حسين في المنطقة وتمدد ايران عبر أجنحتها، الى سقوط معادلة الـ “س.س” في لبنان مرورا بالربيع العربي وتداعياته الكبيرة على المنطقة وصولا الى التغييرات الجوهرية التي طالت النظام الملكي في السعودية وبروز أزمة ثقة بين الحريري الابن والمسؤولين في المملكة. كل هذه المحطات دفع ثمنها سعد الحريري وفضَّل الانسحاب من المشهد السياسي اللبناني الى حين نضوج التسوية في المنطقة والابتعاد قليلا عن ضوضاء السياسة اللبنانية وترتيب أمور البيت الداخلي والذي يحتاج حكما الى new look يواكب تطورات ما بعد 17 تشرين 2019 على المستوى الداخلي وما بعد 7 تشرين الاول الماضي على مستوى المنطقة.
يعلم الحريري ان الادوات السياسية التي ورثها عن ابيه او تلك التي دخلت بيت الوسط على مدار تسع عشرة سنة بحاجة الى تغيير جوهري يُحتم ابعاد وجوه كان لها اليد الطولى في السياسات الحريرية التي أوصلت زعيم المستقبل الى الطريق المسدود، كذلك يحتاج الحريري الى نفضة كبيرة داخل تيار المستقبل لا تعتمد على الـ “Selfie” والشعارات الرنانة، بل سياسات قادرة على مواكبة التغيير الذي طرأ على الساحة اللبنانية في السنوات الثلاث الماضية وقراءة وفهم موقف الثنائي الشيعي وخطورة ما يجري من تحولات كبيرة على مستوى المنطقة وانعكاسه على لبنان. ولعل أبرز تحدي قد يواجهه الحريري الابن في حال قرر العودة الى المشهد السياسي، اضافة الى التغيير الهيكلي في بنية المستقبل، الذهاب نحو اعادة صياغة اتفاق جديد بين المكونات ينطلق من اتفاق الطائف بما ينسجم مع طموحات القوى الجديدة في المجتمع. عواقب كثيرة ستكون أمام رئيس تيار المستقبل في حال قرر العودة، فهو العالم بأن صيحات المؤيدين اليوم أمام بيت الوسط والزيارات الى ضريح والده ما هي الا بروباغندا يعتمدها بعض الطامحين، في وقت يحتاج سعد الحريري الى نهج جديد يُبعد المتعهدين والسماسرة كما الذين يمتنعون على قول “لا” بوجه الرجل اذا كانت قراراته خاطئة. البلد بحاجة الى سعد الحريري البعيد عن التلزيمات والصفقات والقادر على ايجاد نقطة تقاطع اقليمية ودولية على اسمه يوظفها في علاقاته الداخلية، أما البقاء في مربع التسويات فذلك يعني أن الحريري قرر نحر تياره الأزرق واقفال بيته السياسي.