اخبار محلية

أجمل معارك عون وباسيل: الشرّ الذي لا بدّ منه

صحيفة نداء الوطن – نجم الهاشم

لا يُحسد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل على التدهور المستمر في وضعهما السياسي على مستوى التيار الداخلي، وعلى مستوى العلاقة مع «الح.زب» حليفهما في تفاهم مار مخايل في 6 شباط 2006. تراكُم الخسائر التي يتكبّدانها منذ مدة يضعهما أمام حتمية مراجعة شاملة لوضعهما الشعبي والسياسي. ولكن يبدو أنهما يتخبّطان في عملية التصدّي لهذه المراجعة بحيث يذهبان من خسارة إلى خسارة.

المراجعة الأبرز التي عبّر عنها عون وباسيل في المدة الأخيرة كانت تتعلّق بالموقف من الحرب التي فتحها «الح.زب» في جنوب لبنان دعماً لحرب حركة ح في غزة. بدأ عون بإطلاق القذيفة الأولى وتبعه باسيل بالثانية وكأنّ موقف عون الطليعي كان بمثابة استطلاع بالنار لموقف باسيل من أجل إحداث صدمة نفسية في المواقع المستهدفة. ولكن «الح.زب» بدا وكأنه غير متأثّر بهذه الصدمة أو تحاشى أن يُظهِر التأثر.

عون قال ليل الإثنين 19 شباط الحالي «إننا لسنا مرتبطين بمعاهدة دفاع مع غزة، ومن يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية. لكن قسماً من الشعب اللبناني قام بخياره والحكومة عاجزة عن أخذ موقف، والإنتصار يكون للوطن وليس لقسم منه». ولفت عون الى «أن الإشتراك بالحرب، إستباقاً لاعتداء إسرائيلي على لبنان، هو مجرّد رأي، والدخول في المواجهة قد لا يُبعد الخطر بل يزيده». وأضاف: «ترجمة تطوّرات غزة والجنوب بصفقة رئاسية أمر غير جائز سيادياً، وإلا تكُون تضحيات الشهداء ذهبت سدى، وتكون أكبر خسارة للبنان…».

وفي اليوم التالي، أكمل باسيل ما كان بدأه عون، مشدداً على «أننا لسنا مع وحدة الساحات، أي ربط لبنان بجبهات أخرى، وتحديداً ربط وقف حرب الجنوب بوقف حرب غزة. ولسنا مع استعمال لبنان منصة هجمات على فلسطين… وباختصار، لا نريد أخذ لبنان الى الحرب». اللافت في هذا الكلام أنه أتى في مناسبة الذكرى الـ18 لتفاهم مار مخايل التي مرّت من دون أي تذكير فيها، ومن دون نعي، أو تأكيد استمرار هذا التحالف.

ماذا عن سلاح «الح.زب»؟

ولكن ثمة ما يجب التوقف عنده في موقفي عون وباسيل. صحيح أنّهما أعلنا معارضة ربط لبنان بغزة ورفضا ربط نتائج الحرب هناك باستحقاق رئاسة الجمهورية، إلا أنهما بقيا تحت سقف العلاقة التي كانت تربطهما ولا تزال بـ»الح.زب»، وهي عدم الإقتراب من موضوع سلاح «الح.زب». رفض ربط لبنان بالحرب في غزة لم يرتقِ إلى رفض سلاح «الح.زب» واعتباره سلاحاُ غير شرعي، وهذا هو محور العلاقة بين عون وباسيل و»التيار» و»الح.زب». عندما يصل مستوى الإعتراض إلى الإعلان عن عدم شرعية سلاح «الح.زب» وعن أن الجيش اللبناني وحده هو الذي يدافع عن لبنان يمكن الحديث عن تطور أكيد وكبير في موقف مؤسس «التيار» ووريثه.

لقد سبق وغطّى باسيل وعون سلاح «الح.زب» ليس في الحرب مع إسرائيل فقط، بل في الحروب الداخلية. صحيح أنّ عون وقف مع «الحزب» في حرب تموز 2006 على رغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها لبنان والشعب اللبناني بسبب خيارات الح.زب العسكرية والسياسية، وعلى رغم أنّ أمين عام الح.زب السيد  نصرالله قال بعد الحرب أنّه ما كان دخل فيها لو كان يعلم النتيجة. ولكن الأصحّ أيضاً أنّ عون شكّل الغطاء الأكبر للح.زب بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبعد مسلسل الإغتيالات الكثيرة التي حصلت بعده وطالت قيادات من قوى 14 آذار، ودعمه في حرب 7 أيار 2008 عندما استخدم سلاحه في الداخل ضد «تيار المستقبل» و»الحزب التقدمي الإشتراكي» وضدّ قوى 14 آذار وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي تشكّلت بعد خروج الجيش السوري من لبنان، وغطّاه في مشاركته في الحرب السورية دعما للنظام السوري ورئيسه بشار الأسد، واستمر في تغطيته معتبراً أنّ الجيش اللبناني عاجز عن الدفاع عن لبنان، وأن سلاح الح.زب يؤمن الردع ضدّ إسرائيل كما ضد « تنظيم د» و»جبهة النصرة».

على رغم أنّ عون وباسيل كانا بحاجة لمثل هذا «التأمين» الذي يريده «الح.زب» قبل وصول عون إلى رئاسة الجمهورية لكي يبقى «الح.زب» متمسكاً به مرشحاً وحيداً، ولكنهما استمرا في تأمين هذا الغطاء بعد انتخاب عون وطوال عهده، ولم يبدّلا في مواقفهما التي وصلت بعون إلى الربط بين سلاح «الح.زب» والحرب المفتوحة مع إسرائيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى