خبيرٌ عسكري “يكشف” تأثير استهدفات ح/ز/ب الله على اسرائيل
خبيرٌ عسكري “يكشف” تأثير استهدفات ح/ز/ب الله على اسرائيل
واصل حزب الله وإسرائيل تبادل الهجمات الصاروخية، الخميس، في مشهد بات معتادا منذ 5 أشهر، ويطرح الأسئلة عن جدواه، خاصة مع حرص الجانبين على ألا يتصاعد إلى حرب شاملة.
فإن إسرائيل استهدفت بلدتي “عيتا الشعب” و”عيترون” جنوبي لبنان بغارتين جويتين، بينما تم إطلاق 8 صواريخ من جنوب لبنان تجاه مواقع إسرائيلية في منطقة “إصبع الجليل”، ولم تتضح الخسائر بعد.
وجاء هذا بعد يوم من شنّ إسرائيل، الأربعاء، غارتين أيضا، واستهدفتا بلدتي ياطر ويارون في قضاء بنت جبيل جنوبي لبنان، بينما استهدف حزب الله بلدة المطلة الإسرائيلية التي تضم منطقة عسكرية بطائرة مسيّرة مفخخة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن صاروخا مضادا للصواريخ أطلق من لبنان، الثلاثاء، سبّب ضررا كبيرا بمزرعة دجاج في مستوطنة “أفيفيم”.
وأكبر هجوم شنّه حزب الله هذا الأسبوع حتى الآن كان قصفه مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بنحو 70 صاروخا، وقال في بيان إن هدف القصف دعم الشعب الفلسطيني في غزة ورد على قتل امرأة وزوجها وابنها في قصف إسرائيلي لبلدة حولا اللبنانية.
ويوضّح محللون عسكريون وسياسيون واقتصاديون في حديث لـ”سكاي نيوز عربية” نتائج هذه الضربات المتبادلة منذ بدء الحرب على غزة قبل 5 أشهر على كل من إسرائيل ولبنان، وهدف حزب الله من هذه الهجمات، رغم عدم تأييد الدولة اللبنانية التي تمر بأزمة اقتصادية طاحنة لها.
الخبير العسكري، مالك الكردي، يلفت إلى أن “تأثير الاستهداف مرهون بقيمة الأهداف”، ضاربا مثالا بأنه في الحروب يجري حساب الكلفة المادية للأسلحة، وتأثير النقطة المستهدفة استراتيجيا على العدو.
وفي تطبيق ذلك على ضربات حزب الله لإسرائيل، يقول كردي:
بالنسبة إلى التكلفة المادية؛ فإذا علمنا أن كلفة إطلاق الصاروخ المضاد للصواريخ الذي يطلقه حزب الله قد يصل إلى 50 ألف دولار، بينما تقدّر خسائر الهدف المختار، وهو مزرعة الدواجن، بين 6 آلاف إلى 25 ألف دولار، فإننا نجد فرقا كبيرا بميزان الكلفة المادية.
إذًا ما هي القيمة الاستراتيجية لمزرعة الدواجن؟ هذا السؤال يجيب عنه فقط قادة حزب الله؛ فهم الذين يقدرون دواعي استخدام الصاروخ المضاد واختيار المزرعة.
والقيمة الاستراتيجية لمزرعة الدواجن لا تأتي من قيمتها المادية، لكن ربما لأنها تقع على تلة حاكمة تحول دون إمكانية أي تقدم لحزب الله في معركة محتملة، أو أنها نقطة استطلاع ترصد جميع تحركات الحزب على جبهة محددة، أو أن تكون القوات المعادية في منطقة نائية أو محاصرة، والمزرعة هي قاعدة الإمداد الوحيدة لتأمينها بمصدر اللحوم.
لذلك، فإن حزب الله من الطبيعي خسارته كثيرا بسبب الرد الإسرائيلي، لكنه يحاول كسب هدف استراتيجي أكبر، وهو الحفاظ على كيانه الذي بات مهددا بعد تورطه في سوريا، وبعد أن اعتبر أن طريق القدس يمر من حلب وحمص وحماة.
الكاتبة والباحثة السياسية اللبنانية، أورنيلا سكر، تصف الأهداف التي يهاجمها حزب الله بـ”الهزيلة”؛ وبالتالي قصف حزب الله على إسرائيل حتى الساعة “لم يؤثر مطلقا على إسرائيل”.
وأرجعت ذلك إلى نوعية الأهداف وموقف إسرائيل في الحرب، قائلة:
حزب الله يضرب مناطق خالية من السكان، ومناطق لا تشكّل أي خطر على إسرائيل.
لم نشهد أي تراجع في المواقف الإسرائيلية بشأن الحرب على غزة، أو الإفراج عن الأسرى، أو إيقاف الحرب.
نتنياهو لا يزال مصرا على استهداف لبنان، وحزب الله مجرد رافعة لإسرائيل لتدمير المنطقة، وما نشاهده من هجمات حزب الله هو مجرد ذَر الرماد في العيون؛ فليست هناك وحدة ساحات، لكنّ هناك ضجيجا إعلامية يحاولون به التأكيد على المقاومة ضد إسرائيل.
ما يجري في لبنان لم يتجاوز بعد قواعد الاشتباك من جانب حزب الله، إنما إسرائيل تجاوزت قواعد الاشتباك، وكثيرا ما دخلت في العمق عبر استهداف منطقة بعلبك والضاحية، ويتردد أنها تقصف القرى اللبنانية الحدودية بالقنابل الفسفورية.
الحصيلة أن الأضرار التي مُني بها حزب الله حتى الساعة كبيرة معنويا؛ فهو لم يصعّد بالشكل المتوقع؛ خوفا من الردود الداخلية، ولبنان لن يقف معه في حربه مع إسرائيل، بل سيجد الذريعة لتطبيق البند السابع عليه (تدخل مجلس الأمن الدولي لفرض منطقة عازلة خالية من السلاح والفصائل جنوب خط نهر الليطاني قرب الحدود) بعد أن بات يشكّل عبئا كبيرا يُضاف إلى أزمات النازحين والتغيير الديموغرافي وهوية لبنان.
عن تأثير حرب غزة والهجمات المتبادلة على الحدود الشمالية على اقتصاد لبنان وإسرائيل، قدَّرت الصحفية اللبنانية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية والباحثة في الجرائم المالية، محاسن مرسل، أنه “لا يوجد توازن في الخسائر”.
قصف إسرائيل لجنوب لبنان يؤدي لدمار كبير، سيتطلب من لبنان تكاليف عالية لإعادة البناء.
الأضرار المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد اللبناني، حسب المرجعيات الاقتصادية، تصل إلى ملياري دولار، لكن هذا الحصر ليس نهائيا؛ لأن الصراع ما زال مفتوحا؛ ما قد يؤدي لمزيد من الأضرار.
جنوب لبنان كان شهد ثورة كبيرة في استقطاب الاستثمارات والقطاع العقاري والسياحة، لكن مع الأسف كل هذه الاستثمارات ضُربت بشكل كلي.
الصواريخ التي يطلقها حزب الله على إسرائيل قد تصيب حائطا، وفي المقابل فإن الضربات الإسرائيلية تدمر بيوتا ويسقط العديد من الضحايا؛ ما يعني أن التكلفة على لبنان عالية بشكل كبير.
بالنسبة إلى اقتصاد إسرائيل، فالتكاليف التي تكبّدها نتيجة حرب غزة تُقدّر بنحو 20 مليار دولار، وإن كان الرقم قد يكون أكبر بكثير نتيجة استمرار الحرب واستنزاف القوى العاملة وتأثر استثمارات الشركات الرقمية والتكنولوجيا المعروفة باسم “رأس المال الساخن”.
هذه الخسائر جعلت الاقتصاد الإسرائيلي يعيش أسوأ فتراته لكنه لم ينهَر؛ لأنه اقتصاد متين لديه سقف عالٍ من الاحتياطات الأجنبية، إضافة إلى أن تكاليف الحرب تغطّيها أميركا والدول الداعمة.