ألف موظف بوزارة الشؤون الاجتماعية بلا رواتب: دولة القهر
يصعب تصوّر معيشة موظف لا يتقاضى راتباً، في ظل المستوى الهائل من تضخم الأسعار. لكن في الواقع، فإن المئات من الموظفين في مراكز وزارة الشؤون الاجتماعية يعملون بلا مقابل مادي منذ قرابة العام ونصف العام. انزلق غالبيتهم إلى مستوى الفقر المدقع على غرار الفقراء المنضوين تحت مظلة البرامج الاجتماعية التي يعمل فيها هؤلاء الموظفون.
أكثر من ألف موظف
أكثر من ألف موظف يعملون في مختلف مراكز وبرامج وزارة الشؤون الاجتماعية لا يتقاضون رواتبهم منذ قرابة 18 شهراً، وكل ما يحصلون عليه هو دفعات مالية ضئيلة جداً من بدلات النقل أو من رواتب متأخرة. فمن هم هؤلاء الموظفون؟ ولماذا لم تسر عليهم الزيادات التي أقرتها الحكومة لموظفي القطاع العام؟
يوضح وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، هيكتور حجار، في حديث لـ”المدن”، أن في وزارة الشؤون الاجتماعية 6 أنواع من العقود التي تم إبرامها في السنوات الماضية، على نمط التوظيف. لكن الموظفين الذين تم توظيفهم عبر مجلس الخدمة المدنية وحدهم من يتقاضون رواتب بانتظام. أما باقي الموظفين الذي أدخلوا إلى الوزارة من خارج مجلس الخدمة، فمداخيلهم غير منتظمة عل الإطلاق.
وإذ لفت الوزير إلى سعيه وحرصه على تقاضي هؤلاء الموظفين، الذين يفوق عددهم الألف موظف، رواتبهم بشكل منتظم ومنصف، أوضح أن معظم المراسيم الصادرة عن الحكومة تضمنت إشارة إلى تلك الفئات من الموظفين بطلب من وزارة الشؤون، وحرصاً منها على حفظ حقوق الموظفين. إلا أن المشكلة تكمن في الإيرادات المالية والمخصصات.
فالموظفون المتعاقدون مع وزارة الشؤون، واولئك الذين يعملون على برامج الوزارة الاجتماعية وعموم الموظفين الذين دخلوا من خارج مجلس الخدمة المدنية، لا يتقاضون رواتبهم من وزارة المال، وليس لديهم رقم مالي. ويوضح حجار أن ثمة خللاً في توفر الأموال المخصصة لرواتب الموظفين. فمركز الخدمات الإنمائية على سبيل المثال لديه 3 موظفين، ويبلغ حجم موازنته نحو 100 مليون ليرة، لا تكفي لسداد الرواتب، فكيف يمكن تطبيق قرار الحكومة بمضاعفة الرواتب 7 أو 9 مرات في وقت لا تتوفر فيه الأموال.
وهذا الأمر ينطبق على المشاريع الاجتماعية، ففي مشروع الأسر الأكثر فقراً يوجد قرابة 500 موظف تم التعاقد معهم من خارج مجلس الخدمة المدنية، ويفتقدون اليوم للاستقرار المالي. فلا رواتب ولا مخصصات، حتى أنهم باتوا فقراء أكثر من أولئك الذين تشملهم مساعدات البرنامج.
ولفت الوزير إلى تأمين جزء من الحوافز وبدلات النقل للموظفين “ولكن هذا الأمر غير كاف. فمن حق هؤلاء الموظفين أن يتقاضوا رواتبهم كباقي زملائهم، خصوصاً انهم يقدمون خدمات ولا يمكن الاستغناء عنهم”، يقول حجار.
هل من حلول؟
علمت “المدن” أن وزير المال تواصل مع الوزير حجار، للبحث في مخارج الحلول. لكن وحسب المصدر، فإن الحلول المؤقتة تتوقف على صرف سلفات مالية من قبل وزارة المالية. علماً ان المالية سبق أن رفضت أكثر من طلب سلفة لوزارة الشؤون الاجتماعية، وإلا فلا حلول قريبة. إذ أن الحل النهائي للموظفين المعنيين يكمن في ضمهم إلى ملاك الدولة. وهذا أمر بالغ التعقيد حالياً، ويخضع لمحاصصة طائفية، وربما يقع في حلقة تجاذب سياسي قد لا تنتهي.
ويؤكد الوزير حجار بأن لا حلول لهؤلاء الموظفين سوى بهيكلة الإدارة، وتحديد التوصيف الوظيفي، وضم من تحتاجه الإدارة فعلياً إلى الملاك ورفع الظلم عنهم. ويسأل إذا كانت إدارات الدولة بحاجة للموظفين المتعاقدين والذين يعملون بأشكال متعددة من التعاقد، فلماذا لا يتم تثبيتهم أو إخضاعهم لامتحانات مجلس الخدمة، وتثبيت من سبق له أن خضع للامتحان؟ وأشار حجار إلى أن عدداً كبيراً من هؤلاء الموظفين من حملة الشهادات، ولديهم خبرات واسعة، ويتم الاعتماد عليهم في الكثير من المهام.
وحسب أحد العاملين في وزارة الشؤون، فإن مسألة الرواتب تتم إثارتها كل عام تقريباً. فيتم سداد جزء من المتأخرات وتتوقف الدفعات بعدها. علماً ان الرواتب لا تضاهي تلك التي أقرت لموظفي القطاع العام، إنما تقل عنها بأكثر من نسبة 40 في المئة.
عزة الحاج حسن – المدن