اخبار محلية

كي لا يكون في كل منزل لبناني باسكال سليمان

عزت ابو علي –   LebanonOn
وُجِدَت القوانين لحماية المواطنين، هكذا أوجد لها المُشرِّع تبريراً لمنحها الشرعية التي تحمي الأمن المجتمعي بجوانبه كافة.
هذا القانون إن فقد هدفه وبالتالي فاعليته أوجب إعادة صياغته أو تعديله كي يبقى ضمن مساره السليم، لكن ماذا تبقَّى من القانون في لبنان؟

قبل أيامٍ قليلة كان مواطن لبناني يتابع حياته كالمعتاد، لكن إحدى العصابات قررت إنهاء حياته بدافع السرقة على حد ما تقول أجهزة الأمن، وصودف أن يكون المغدور باسكال سليمان مسؤول حزبي في منطقة جبيل الأمر الذي جعل القضية تأخذ منحى آخر لينفجر الشارع.
انفجار لم يكن وليد لحظته، بل، جاء على خلفية تراكمات يعيشها لبنان منذ العام 2011، حين بدأت أولى موجات النزوح السوري بدخوله على خلفية الحرب الأهلية الدائرة هناك بين الحكومة ومعارضيها، ليصل عدد النازحين إلى حوالي 3 ملايين وُلِدَ حوالي الـ 800 ألف منهم في لبنان.

هذه الأعداد المهولة زادت من نسبة الجريمة في لبنان على مدار الأعوام السابقة لكن الأرقام بلغت الذروة مع بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان في العام 2019، ليصبح لبنان الدولة الوحيدة في العالم الذي يبلغ عدد الموقوفين من غير أبناء البلد فيها على خلفية قضايا جنائية أكثر من اللبنانيين أنفسهم، حيث تشير الإحصاءات إلى نسبة 60% من الموقوفين من غير اللبنانيين. 

 كل ذلك جاء مضافاً إلى الجرائم التي ترتكبها العصابات اللبنانية ذائعة الصيت لجهة القتل، السرقة، الخطف بدافع الفدية، المخدرات والدعارة. 

حيث باتت أخبار هذه الجرائم مكررة بشكل يومي وفي وضح النهار كما في عتمة الليل لا يتغير فيها إلا المكان، لكن الثابت الوحيد ضعف الملاحقات الأمنية وجزر المجرمين الخاصة المعروفة للجميع والبعيدة عن التطهير لغاية اليوم لأسباب باتت معروفة للجميع. 

وما من لبناني إلَّا ويعلم عن هذه العصابات ومقارها، ليس هذا فحسب، بل، بجولة صغيرة وفي أي وقت من النهار أو الليل على طول الساحل اللبناني تقف بائعات الهوى بحماية مروجي الدعارة لاصطياد الزبائن. 

عصابات لم تعد حكراً على اللبنانيين، بل باتت السورية منها أكثر وأشد خطراً، وإِن كان توقيف اللبناني ممكناً بقوة القانون أو برفع غطاء سياسي، فإنَّ توقيف السوري وتطبيق الإجراءات القانونية عليه يُثير الجهات الدولية وبعض المحلية التي تطلق على نفسها اسم جمعيات بداعي حقوق الإنسان.

التفلّت الأمني والتسيّب بات سمة لبنان الغالبة، وراء ذلك أسباب عديدة، الوضع الاقتصادي الصعب والأزمة التي ضربت قطاعات الدولة بركتها ومن بينها المؤسسات الأمنية المولجة حماية المواطن وتطبيق القانون، الحماية السياسية والطائفية للعصابات، النزوح السوري غير المنظم، والحدود السائبة بين لبنان وسوريا.

حدود قد يكون من الصعب ضبطها نظراً لضعف الإمكانيات، لكن ماذا عن النازحين الذين يصولون ويجولون بين لبنان وسوريا ألا تسقط صفة النازح عنهم؟ ماذا عن مئات الآلاف الذين غصَّت بهم السفارة السورية خلال انتخابات الرئاسة الأخيرة؟ ماذا عن التقارير التي تُفيد وبإجماع العالم عن أن أكثر من 90 % من مناطق سوريا باتت آمنة؟! أليست كل هذه الأسباب كافية لإعادة النازحين إلى بلادهم؟.

يستجدي المسؤولون في لبنان عند كل مناسبة دول الغرب وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي لحل قضية النزوح التي كلَّفت الخزينة لغاية اليوم أكثر من 40 مليار دولار أميركي، ولم يستفد لبنان إلا المزيد من الخراب الاقتصادي والأمني والخلل الديمغرافي، ولكن لِمَ كل هذا؟!

يُهدِّد الغرب المسؤولين في لبنان بالعقوبات في حال تحدثوا عن الموضوع أو اتخذوا قراراً حيال القضية، وتُغدق الدول المانحة المساعدات للسوريين عبر آلاف الجمعيات التي لا تٌقيم حساباً للأمن القومي اللبناني، وترفض دمشق عودة اللاجئين وهي الذي يلتف حبل العقوبات حول رقبتها ويُضيق الخناق الاقتصادي عليها فكيف ستقبل بإعادة الملايين من رعاياها وهي العاجزة عن إطعام من تبقوا في أماكن سيطرتها، فجاء كل ذلك ليدفع لبنان الثمن أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وديمغرافياً.

وإزاء كل ذلك تصول العصابات وتجول بين حدود البلدين دون رادع تقتل وتخطف وتسرق دون حسيب أو رقيب، ليبقى المواطن اللبناني هو الضحية.

فما هو المطلوب ممن يُرهق بالضرائب؟ أليس من أقل حقوقه الأمن والأمان والحفاظ على روحه وممتلكاته؟ سؤال مشروع، أليست كل هذه الأسباب تشكل دافعاً لحمله السلاح بغية تأمين نفسه من لحظات الغدر القاتلة؟

الدعوات للأمن الذاتي باتت كثيرة نتيجة التعقيدات المجتمعية، فالحاجة إلى الأمان هي الأعلى في سلم الاحتياجات الإنسانية، لكن الأمر لن يكون الحل الجذري فهذه التجارب أوصلت لبنان في سبعينيات القرن الماضي للانزلاق نحو الحرب الأهلية التي دارت رحاها لحوالي 15 عاماً.

في ذكراها الأليمة و “حتى لا تنذكر ولا تنعاد” و “كي لا يكون في كل منزل لبناني باسكال سليمان”، لا بدَّ من تفعيل الأمن الإستباقي وحل قضية النزوح بشكل عاجل وتطبيق القوانين على الجناة من السجن المشدد وصولاً حتى عقوبة الإعدام، وحتى تحقيق ذلك، فلينظر المسؤولون إلى أسباب حرب الـ 1975 ويُجرون مقارنة بسيطة بما يحصل اليوم، على أمل أن يسارعوا لمعالجة الظروف المتشابهة قبل تكرار تلك المشاهد الأليمة في يوبيلها الدموي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى