كي تعود الودائع
ارتفعت إحتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية وبالتحديد السيولة بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان مليارا و١٠٠ مليون دولار بين آخر تموز ٢٠٢٣ و منتصف آذار هذا العام.
فهل سيستخدم مصرف لبنان هذه الزيادة في الإحتياطي والسيولة في موضوع الودائع وهل يمكن أن تخدم هذه الزيادات قضية الودائع ؟.
برأي كبير الإقتصاديين في بنك بيلوس نسيب غبربل من الممكن أن تخدم هذه الزيادات قضية الودائع، “لكن يجب أن لا ننسى أن هناك ٩١ مليار دولار ودائع بالعملات الأجنبية في القطاع المصرفي بينما الزيادة في الإحتياطي لا تتعدى المليار و١٠٠ مليون دولار” .
وفي رده على سؤال ما اذا كان حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري سيستخدم هذه الزيادة لإنصاف المودعين ،قال غبريل في حديثه للديار : الارقام والحسابات لدى مصرف لبنان وعندما أصدر مصرف لبنان التعميم ١٥٨ في حزيران ٢٠٢١ أو التعميم ١٦٦ مؤخراً كان قد قام قبل إصدارها بدرس عدد الحسابات والمبالغ التي ممكن أن يستفيد منها المودعون المؤهلون لهذه التعاميم ولم يصدرهما بطريقة إعتباطية أو عفوية.
ووفقاً لغبريل التعميم ١٥٨ مدروس جداً و مصرف لبنان احتسب عدد المودعين الذين سيستفيدون منه وكم تبلغ كلفته على مصرف لبنان وعلى المصارف وكذلك الأمر بالنسبة للتعميم ١٦٦ حيث تم الأخذ بعين الإعتبار قدرات مصرف لبنان وقدرة المصارف ،معتبراً أن الأزمة أزمة سيولة إذ أن هناك شحا في السيولة لدى المصارف سببه تبديد الدولة لودائع المصارف لدى مصرف لبنان.
وتحدث غبريل عن الذي يمكن أن يقوم به مصرف لبنان من أجل أن يزيد السيولة لديه تدريجياً بالإضافة إلى الذي يقوم به،” وهو الطلب من السلطة أن تعترف اولاً بديونها البالغة ١٦ مليارا و٥٠٠ مليون دولار كديون مباشرة للدولة تجاه مصرف لبنان، وهي موجودة في ميزانية مصرف لبنان وأشار إليها تقرير التدقيق الجنائي لألفاريز أند مارسل وتقرير التدقيق المالي لشركة اوليفر وايمن” ،مشيراً إلى ان على مصرف لبنان أيضاً أن يطالب بتطبيق المادة ١١٣ من قانون النقد والتسليف والتي تقول بشكل واضح ولا يقبل الجدل أنه في حال تكبد المركزي الخسائر وليس لديه اموال كافية من إحتياطاته لتغطيتها ،فوزارة المالية هي المسؤولة عن تغطية هذه الخسائر بغض النظر عن حجمها والفترة الزمنية التي تراكمت خلالها في مصرف لبنان.
ورأى غبريل أن تقديم ١١ مصرفا مذكرة ربط نزاع إلى وزارة المالية يصب في هذا الصدد لمصلحة مصرف لبنان وبالتالي لمصلحة المودعين “لأن هذه المذكرة قالت ما لم يقله مصرف لبنان وهو ان هناك ١٦ مليارا و٥٠٠ مليون دولار ديون على الدولة تجاه مصرف لبنان “.
كما تحدث عن أمر آخر يمكن أن يقوم به مصرف لبنان وهو أن يعترض على جزء من مضمون مشروع قانون معالجة أوضاع المصارف( تاريخه ٨ شباط ٢٠٢٤)، الذي يحدد مصير الودائع وعملياً يُعيد فقط بين ١٦و٢٠ مليار دولار من الودائع من أصل ٩١ مليار دولار ودائع بالعملات الأجنبية، من خلال دفع تدريجي ٣٠٠ دولار شهرياً على مدى ١٥ سنة للودائع المؤهلة لغاية ١٠٠ ألف دولار، و٢٠٠ دولار شهرياً على مدى ١٥ سنة للودائع الغير مؤهلة لغاية ٣٦ ألف دولار ،معتبراً أن هذا مشروع القانون أعادنا إلى نقطة الصفر عند إندلاع الأزمة في تشرين أول ٢٠١٩ عندما ذهبت المصارف التجارية في ظل عدم إقرار قانون الكابيتال كونترول إلى مصرف لبنان وطالبت بجزء من ودائعها بالحسابات الجارية لدى مصرف لبنان ،الذي لم يستجب لهذا الطلب في ذلك الوقت، مشدداً على ضرورة ان يبادر مصرف لبنان ويقول للدولة التي أهدرت هذه الأموال التي كانت تبلغ ٨٦ مليار دولار واليوم أصبحت ٩ مليارات و٦٠٠ مليون دولار، بأن عليها ان تساهم بهذه العملية وبدلاً أن يحصل المودع على ٣٠٠ دولار شهرياً يمكنه أن يحصل على ٩٠٠ دولار شهرياً.
ووفقاً لغبريل على الجميع أن يساهم في حل قضية الودائع فالمصارف مسؤولة عن تسديد جزء من الودائع والسلطة التي أهدرت هذه الأموال عليها أن تتحمل جزءاً من المسؤولية وكذلك يجب على مصرف لبنان أن يطالب السلطة بهذه الأموال.
وإذ رأى غبريل أن تأمين الدولة لـ ٩١ مليار دولار كسيولة فوراً أمر غير واقعي ولا يوجد أي مصرف تجاري لديه مئة بالمئة من السيولة في الودائع والحد الأقصى يتراوح بي ١٠ و ١٢%، شدد على ضرورة إعتراف السلطة بالتزاماتها تجاه مصرف لبنان و أن يتم إتفاق بين مصرف لبنان والسلطة على تسديد هذه الإلتزامات تدريجياً ،كي يستطيع مصرف لبنان تدريجياً أن يساهم أكثر بتكوين سيولة تمكنه من المساهمة في تسديد الودائع تدريجياً.
أما الحل الأوسع لقضية الودائع كما يرى غبريل هو على عكس النظرية التي تقول ان هذه خسائر لدى مصرف لبنان يجب ان يتحملها المودعون والمصارف لأن هذا الأمر لن يعيد الثقة ليس فقط للمصارف بل أيضاً للإقتصاد ” بل المقاربة يجب أن تكون مختلفة لها علاقة بمعرفة بأنه لا يوجد مصرف في العالم يملك سيولة مئة بالمئة من الودائع فهذا كلام غير علمي وغير منطقي ” .
واكد غبريل على أنه يجب على السلطة التنفيذية والسلطة النقدية بالتعاون مع السلطة التشريعية ومع المصارف التجارية ان يتفقوا على تكوين سيولة في القطاع المصرفي ككل ما يوازي ١٥% من حجم الودائع بالعملات الأجنبية ،كي تتمكن المصارف من أن تستعيد دورها الطبيعي في تسليف الإقتصاد وكي يستطيع المودع أن يتصرف بوديعته عند الحاجة، موضحاً انه قبل الأزمة كان المودع يستخدم الودائع التي هو بحاجة لها ولم يكن يستخدم كل ودائعه .
ويأسف غبريل لأنه بعد اربع سنوات ونصف من الأزمة المودع لم يتلق أي جواب على ثلاثة أسئلة : ما هو مصير ودائعه وبأي طريقة سيستردها وبأي مهلة زمنية يستطيع ان يستخدمها.
وفي موضوع التعميم ١٦٦ ومدى تطبيقه واستفادة المودعين منه أكد غبريل أن المصارف لا تتمنع عن تطبيقه وهي تستقبل الطلبات وتحول طلبات المودعين المؤهلين إلى مصرف لبنان الذي يجب أن يوافق على هذه الطلبات، موضحاً ان المصارف تلعب دور الوسيط في هذا الموضوع .
ووفق معلومات غبريل الذي يؤخر موافقة مصرف لبنان على طلبات الإستفادة من التعميم ١٦٦ هو موضوع تقني ،مؤكداً أنه عند موافقة مصرف لبنان يبدأ الدفع فوراً للمودعين مع مفعول رجعي منذ تاريخ تقديم الطلب.