اخبار محلية

خلافات “التيار” إلى الواجهة من جديد.. “فصل” بو صعب لن يكون الأخير

خلافات “التيار” إلى الواجهة من جديد.. “فصل” بو صعب لن يكون الأخير

إلى صدارة الاهتمام، تعود الخلافات الداخلية في “التيار الوطني الحر” بين الفينة والأخرى، في ظلّ تكرار القرارات “التأديبية” بحقّ عدد من قياديّيه، كان آخرهم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي بات مؤكدًا أنه أصبح رسميًا “خارج التيار”، وإن تفاوتت المعلومات حول قرار “فصله”، بين من يجزم أنّه صدر عن الوزير السابق جبران باسيل شخصيًا، ومن يعتبر أنّ الرجل هو الذي “خرج طوعًا”، بعد الكثير من “الإحراج”.

ويبدو أنّ خروج بو صعب من “التيار” لم يكن سوى فصل من فصول الخلافات المتصاعدة “في التيار”، في ضوء ما يُحكى عن “صعود” الجناح المناهض للوزير باسيل، والرافض للخضوع لقيادته، وسط معلومات تتحدّث عن “استدعاءات” لآخرين من أجل المثول أمام لجنة التحكيم في “التيار” بسبب شكاوى بحقهم، جوهرها إطلاقهم مواقف مغايرة لمواقف رئيس “التيار”، ومن هؤلاء النائب آلان عون، الذي يخشى كثيرون أن يكون “الهدف التالي” لباسيل.

ولعلّ ما زاد من “حراجة” الموقف، إن جاز التعبير، يكمن في الكلام الذي أطلقه باسيل نفسه خلال افتتاح بيت الشباب في منطقة جزين خلال عطلة نهاية الأسبوع، حين تحدّث عن “أيادٍ بيض وأيادٍ خشنة في التيار”، مضيفًا أنّه “عندما يوسخ أحد ما يديه داخل التيار يصبح خارجه”، فما مغزى الرسالة التي أراد إيصالها إلى معارضيه داخل “التيار”، والتي دفعت البعض لحدّ القول ساخرًا، إنّ باسيل قد لا يتردّد في “فصل” الرئيس السابق ميشال عون من تيّاره؟!

الخلافات تتفاقم

ليس جديدًا الحديث عن خلافات داخل “التيار الوطني الحر” بحسب العارفين، الذين يشيرون إلى أنّ الضجّة حولها تتصاعد كلما حصلت عملية “فصل” جديدة، علمًا أنّ خروج نائب رئيس مجلس النواب من “التيار” لم يكن مفاجئًا، بل جاء متوقّعًا، بالنظر إلى الخلافات التي ما عادت سرًا بين الأخير وباسيل منذ ما قبل الانتخابات النيابية، وصولاً إلى عدم تردّد بو صعب في “التمايز” عن باسيل على مدى الأشهر الماضية، ومنحه لنفسه “امتياز” عدم الالتزام بقراراته.

يقول العارفون إنّ الخلاف بين الجانبين بدأ منذ ما قبل الانتخابات النيابية، وتكرّس بعده، حين “فرض” بو صعب نفسه مرشحًا لمنصب نائب رئيس المجلس، “رغمًا عن” باسيل إن جاز التعبير، ليتصاعد في محطّات عدّة بعد ذلك، بدا فيها بو صعب أقرب إلى رئيس البرلمان نبيه بري منه إلى باسيل، وصولاً إلى خروجه عن قرار تكتل “لبنان القوي” في الاستحقاق الرئاسي، وتفرّده بالتصويت بما لا ينسجم مع خيارات التكتّل المُعلَنة.

وإذا كان بو صعب وضع برأي البعض باسيل في موقف “حرج”، باعتبار أنّ “تمايزه المُعلَن” أظهره غير قادر على “ضبط” أعضاء تكتله، وهو ما جعله محطّ انتقاد قوى المعارضة التي تقاطع معها رئاسيًا في إحدى الفترات، فإنّ تصوير الأمر على أنه “خلاف شخصي” لا يعكس واقع الأمور داخل “التيار” بحسب العارفون، الذين يجزمون أنّ الخلافات تتفاقم، وأنّ باسيل نفسه يدرك أنّ هناك “كتلة مصغّرة” معارضة له تنشأ في صلب تكتّله.

باسيل “ينبّه” معارضيه

بهذا المعنى، قد يكون كلام الوزير السابق جبران باسيل خلال افتتاح بيت الشباب في جزين، معطوفًا على تسريب قرار “فصل” بو صعب في هذا التوقيت بالتحديد، أكثر من معبّر، حيث يوجّه من خلاله رسالة للمعارضين، بوجوب الالتزام بما يقرّره، وعدم الخروج عن الخط، علمًا أنّ اختيار جزين تحديدًا لتوجيه هذه الرسالة ليس عفويًا برأي البعض، بالنظر إلى تجربة النائب السابق زياد أسود، الذي أصبح “معارضًا شخصيًا” لباسيل.

مع ذلك، قد يُفهَم هذا “التنبيه” من جانب باسيل “إنذارًا” للمعارضين، الذين يستشعرون بعض رغبة بـ”الحرتقة” من جانب القيادة “الباسيلية”، إن جاز التعبير، خصوصًا إذا ما صحّ ما يُحكى عن استدعاءات جديدة للتحقيق، علمًا أنّ الأمر مع النائب آلان عون مثلاً، قد لا يكون مثله مثل غيره ممّن تمّ فصلهم سابقًا، ليس فقط لما يتمتع به من ثقل نيابي، ولكن أيضًا لوجود كتلة “متضامنة” معه، أبلغت المعنيّين بأنّ فصل أحد أعضائها، سيؤدي لخروجها “جماعيًا”.

لكنّ المحسوبين على باسيل يقلّلون من شأن كلّ ما يُحكى في هذا الإطار، حيث يؤكدون أنّ باسيل لا يرغب بـ”طرد” أحد، وهو لا يسعى لإصدار قرارات “فصل”، لأنّ ذلك من شأنه أن يضرّ بـ”التيار” بشكل أو بآخر، إلا أنّ ما حصل أنّ هناك “تنظيمًا معيّنًا”، يجب أن يحصل، ومن يخالف يجب أن “يُحاسَب”، علمًا أنّ أيّ حزب لا يمكن أن يقبل بوجود حالات “تمرّد أو مشاغبة” في داخله، وهو ما يعرفه القاصي والداني.

يرى البعض أنّ الحديث عن خلافات داخل “التيار الوطني الحر” قد لا يكون في أوانه، بالنظر إلى الاستحقاقات “المفصلية” التي يواجهها البلد ككلّ، من الحرب المستمرّة في الجنوب، إلى الفراغ المتمادي، والرئاسة المغيّبة، فضلاً عن شجون الشراكة والمواطنة. لكنّ الأكيد أنّ خلافات “التيار” تعكس في مكانٍ ما، جانبًا من “المأزق” الذي يعيشه البلد ككلّ، حيث تغلب “المناكفات”، منطق “الحوار” بين من يفترض أن يكونوا “شركاء”!

لبنان24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى