ترامب يلجأ إلى “صهره اللبناني” لاستمالة الناخبين
ترامب يلجأ إلى “صهره اللبناني” لاستمالة الناخبين
يسعى المؤيدون للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، لاستمالة الناخبين العرب الأميركيين المستائين مما يصفونه بدعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل خلال الحرب في غزة.
ومن المقرر أن يتنافس ترامب وبايدن خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني المقبل، بينما تعد أصوات الناخبين العرب خصوصا في الولايات المتأرجحة “مصيرية”.
يقود هذه الجهود رجل من أصول عربية، يدعى مسعد بولس، وهو رجل أعمال لبناني المولد، لكنه أيضا والد مايكل بولس، زوج ابنة ترامب الصغرى، تيفاني.
ويستخدم بولس الآن علاقاته في الجالية العربية الأميركية، إذ يجتمع مع قادتها في ميشيغان بشكل دوري، بحثا عن دعم لترامب.
وميشيغان هي موطن العديد من الديمقراطيين العرب الأميركيين الذين يشعرون بخيبة أمل من بايدن.
تعليقا على ذلك، قالت وكالة أسوشيتد برس إن فرص ترامب “قد تكون محدودة” إذ لا يزال العديد من الأميركيين العرب يشعرون بالاستياء من الحظر الذي فرضه، على الهجرة من العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، بمجرد وصوله للبيت الأبيض، قبل أربعة أعوام.
كما لا يزال أغلبيتهم يحتفضون بتصريحات ترامب التي يعتبرونها مهينة لهم، علاوة على أن ترامب نفسه انتقد بايدن لأنه لم يكن مؤيدًا قويًا بما يكفي لإسرائيل.
كشف مقال رأي لصحيفة “واشنطن بوست”، نشر قبل بضع أسابيع، أن سفير ترامب السابق في ألمانيا، ريتشارد غرينيل، يحضر لعشاء مع قادة الرأي العرب والمسلمين في ميشيغان، يحضره أيضا بولس.
ويحاول المؤيدون لحملة ترامب للانتخابات الرئاسية جهدهم لاستمالة الناخبين العرب والمسلمين بعد الانتكاسة التي شهدها الطرف المنافس (الديمقارطيون بقيادة بايدن) خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في فبراير الماضي.
وفي فبراير الماضي، في غمرة الانتخابات التمهيدية، أعلن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية وفرعه في ميشيغان أن الاستطلاع الهاتفي الآلي الذي أجراه بعد خروج 527 من الناخبين المسلمين الذين شاركوا في الانتخابات أظهر أن 94 بالمائة من المسلمين الأميركيين الذين صوتوا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي قد صوتوا “غير ملتزم”.
وأفاد 4.6 في المائة فقط من الناخبين الديمقراطيين الأساسيين المسلمين أنهم صوتوا لإعادة ترشيح الرئيس بايدن كمرشح رئاسي للحزب الديمقراطي.
كما أظهر الاستطلاع أنه في حالة إجراء انتخابات مبكرة اليوم (في فبراير)، فإن 40% من الناخبين المسلمين يفضلون “مرشحًا آخر” لم يذكر اسمه، يليه تصويت 25% لمرشح الطرف الثالث الدكتور كورنيل ويست، ثم المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب. (13%)، ثم الرئيس الحالي جو بايدن (8%)، ومعهم روبرت كينيدي جونيور (8%) وجيل ستاين (7%).
والآن، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، “لا يفكر بعض المانحين والناشطين العرب الأميركيين في عدم الاكتفاء بالتصويت بـ”غير ملتزم”، بل يفكرون في العمل بشكل مباشر لانتخاب ترامب” وفق تحليل “واشنطن بوست”.
إلى ذلك، وجد آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” في الولايات التي تشهد منافسة شرسة بين ترامب وبايدن، “علامات على انشقاقات ضخمة عن بايدن بين عينة صغيرة من الناخبين الذين كانوا إما مسلمين أو عربا”.
وبشكل عام، تقدم ترامب بنسبة 57 مقابل 25 بين الناخبين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمسلمين في الاستطلاع.
وأفاد أولئك الذين قالوا إنهم صوتوا لصالح بايدن في انتخابات 2020 أنهم لن يفعلوا هذه المرة.
وعندما سئل الناخبون العرب أو المسلمون الذين لم يدعموا بايدن عن أهم القضايا التي تشغلهم، أشار حوالي 70% منهم إلى السياسة الخارجية أو الحرب في غزة.
لذلك، يعتقد بعض حلفاء ترامب أن بإمكانهم الاستفادة من الخلاف داخل قاعدة بايدن الديمقراطية بشأن دعمه للهجوم الإسرائيلي في غزة، حيث قُتل أكثر من 37 ألف شخص منذ 7 أكتوبر.
وقال بولس في مقابلة “من الواضح أن النقطة الأولى ذات الأولوية القصوى داخل المجتمع العربي الأميركي هي الحرب الحالية في الشرق الأوسط”.
وتابع “السؤال هو: من يستطيع إحلال السلام ومن يجلب الحرب؟ ..هم يعرفون الجواب على ذلك”.
في المقابل، يشير العديد من الأشخاص الذين التقوا بولس، في ردهم عليه، إلى تصريحات ترامب بشأن العرب والمسلمين.
وأثناء فترة رئاسته، حظر ترامب الهجرة من العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة وشكك في ولاء المشرعين المسلمين العاملين في الكونغرس.
وحتى أثناء حملته الانتخابية هذه، ينتقد ترامب بايدن في بعض الأحيان لكونه غير داعم بشكل كافٍ لإسرائيل وهدد بترحيل المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين يصنفهم على أنهم مؤيدون لحماس.
في الصدد، قال أسامة السبلاني، ناشر مجلة Arab American News في ديربورن لوكالة أسوشيتد برس “قلت لبولس أنه لا يمكنه شراء الأصوات، وأن عليه أن يعطي شيئا كبيرا لهذا المجتمع، وترامب لم يفعل ذلك بعد”.
ولد مسعد بولس في لبنان، ثم انتقل إلى تكساس قبل وقت قصير من التحاقه بجامعة هيوستن وحصوله على درجة الدكتوراه.
بولس، متوسط القامة بشعر أسود أشيب، ونظارات مربعة، وابتسامة دافئة وودية، غالبًا ما يتم الثناء عليه لسلوكه الهادئ وتواضعه – وهي صفات لا ترتبط دائمًا بشخص يشرف على تكتل بقيمة مليار دولار.
قال إنه شارك بنشاط في السياسة الجمهورية عندما كان طالبا.
وبعد تخرجه، انضم إلى شركة عائلته المكونة من ثلاثة أجيال وأصبح العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة SCOA Nigeria، المتخصصة في تجميع وتوزيع السيارات والمعدات.
يتمتع بولس بخلفية سياسية في وطنه، حيث ترشح لمقعد برلماني في لبنان عام 2009 دون أن يحقق نتيجة تذكر.
يصف نفسه بأنه “صديق” لسليمان فرنجية، وهو سياسي مسيحي متحالف مع الشيعة وجماعة حزب الله المسلحة.
وفرنجية هو حالياً مرشح حزب الله لرئاسة لبنان الشاغرة.
كان بولس مؤيدًا لترامب منذ حملته الأولى، وأصبح منخرطًا بشكل مباشر أكثر بعد لقائه بترامب في حفل عيد الميلاد بالبيت الأبيض في عام 2019.
وفي ذلك الوقت، كان ابنه مايكل يواعد تيفاني ترامب.
ولم يقدم مسعد بولس أي تبرعات مؤخرًا، وفقًا لسجلات تمويل الحملات الانتخابية، لكن في رحلة إلى ميشيغان هذا الشهر، حضر ما وصفه بأنه “حدث خاص لجمع التبرعات” مع رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون، الجمهوري عن ولاية لوس أنجلوس، والنائبة الأميركية ليزا ماكلين، الجمهورية من ميشيغان، وحوالي 50 أميركيًا عربيًا.
وساعد بولس في حملة ترامب 2020، لكن دوره توسع بشكل كبير منذ أن تزوج نجله مايكل من تيفاني ترامب في 2022، خاصة وأن استياء العرب الأميركيين من بايدن قدم ما يعتقد حلفاء ترامب أنه فرصة سياسية أكبر.
وقال بشارة بحبح، رئيس مجموعة الأميركيين العرب من أجل ترامب: “تصويت واحد أقل لبايدن هو تصويت إضافي لترامب”.
وقال بحبح إن بولس يحافظ على “علاقة عمل وثيقة للغاية” مع المجموعة.
وقال أيضا إن المجموعة، التي تقول إنها مستقلة عن حملة ترامب، أنشأت عمليات في ميشيغان وأريزونا، وهي ولايات حددها “أشخاص مقربون من ترامب” كمناطق ذات أولوية”.
مجرد بداية
لا يزال البعض في مجتمع الناخبين الأميركيين العرب، يشعر أن هناك خيارات أخرى غير ترامب وبايدن فقط.
وزارت مرشحة حزب الخضر، جيل شتاين، ديربورن هذا العام للقاء القادة، وأجرت مؤخرًا محادثات مع عمدة المدينة، عبد الله حمود، حول إمكانية أن يصبح نائبًا لها، رغم أنه لم يصل السن القانونية لذلك (دستور الولايات المتحدة يشترط ألا يقل عمر الرئيس ونائب الرئيس عن 35 عاما).
كما زار مسؤولون في إدارة بايدن ديربورن للقاء القادة المحليين وحافظوا على اتصال مستمر معهم، بما في ذلك السبلاني.
وانتقد عمار موسى، المتحدث باسم حملة بايدن، التواصل مع حلفاء ترامب، قائلا في بيان إن ترامب “يمثل أكبر تهديد للمجتمع الإسلامي والعربي”.
وقال موسى، وهو أميركي من أصل عربي، “إنه (ترامب) وحلفاؤه يعتقدون أننا لا ننتمي إلى هذا البلد، ترامب تحدث صراحة عن السماح لإسرائيل بقصف غزة دون أي اعتبار”.
وأضاف “ترامب وحملته عنصريون ومعادون للإسلام، بينما يعمل الرئيس بايدن من أجل تحقيق سلام عادل ودائم”، وفق قوله.
وحتى موعد انتخابات تشرين الثاني، قال بولس إنه سيواصل تقسيم وقته بين إدارة شركته والاجتماع مع الجالية العربية الأميركية.
وشدد على أنه مدفوع فقط بكونه “مواطنا مهتما وجمهوريا”. ولم يفكر في الاضطلاع بدور في إدارة ترامب إذا فاز الجمهوريون.