انفضح المستور
“ديون لبنان غير قابلة للمعالجة”. هذه العبارة بحدّ ذاتها، تختصر قصة الودائع والمودعين في لبنان، وتفضح ما حرصت الحكومة وكل المعنيين بالشأن المالي والسياسي على إخفائه، وهو ربط الديون وضمناً الودائع بالدين العام، والذي تعجز الدولة أو حكومة تصريف الأعمال عن دفعه.
“فالدين العام معظمه يتكون من أموال المودعين”، يكشف أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية الدكتور جاسم عجاقة، الذي يوضح ، أنه قبل الأزمة في العام 2019 كان “بنك أوف أميركا”، قد قدر أن 85 بالمئة من الدين العام اللبناني، هو دين داخلي أي من أموال المودعين.
ويشير عجاقة إلى أن “الحكومة اللبنانية، قد حاولت، وبقرار، أن تشطب دينها العام، ولكن مجلس شورى الدولة كسر قرار الحكومة، حتى أنه منع على المجلس النيابي، أن يصوّت على أي قانون لشطب الدين العام، والسبب بكل بساطة أن الدين هو من أموال المودعين وهذا مخالف للدستور”.
وبالتالي، يرجح عجاقة، أن يكون “هذا الأمر، هو السبب وراء اعتبار فيتش أن لا علاج لأزمة الديون في لبنان”.
والدين العام، يضيف عجاقة، هو 500 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، وكان صندوق النقد اشترط أن تنخفض هذه النسبة إلى مئة بالمئة، مؤكداً أنه “لكي يتحقق هذا الأمر، يجب أن يكون شطب للديون أو رفع للناتج المحلي الإجمالي، وهذا الأمر مستحيل في ظل الظروف الحالية”.
وعن قرار “فيتش” وقف إصدار تصنيفات للبنان، يقول عجاقة إنه “مهما كان تصنيف لبنان، فإن هذا التصنيف وسواء كان سيبقى كما كان سابقاً أو تمّ رفعه، فهو لن يغير من واقع موجود على الأرض في لبنان وهو عدم وجود إصلاحات”.
ويشدد عجاقة أن “هذه المسألة، مرتبطة بالدين العام، فلبنان أعلن التعثر، وإلى اليوم، وبعد مرور نحو 4 سنوات و6 أشهرعلى قرار التعثر في دفع الديون، لم يتمّ تسجيل أي خطوات إصلاحية، فالحكومة اللبنانية تربط كل الإصلاحات الإقتصادية بالسياسة، وهي إلى اليوم عجزت عن إقرار قانون الكابيتال كونترول”.
وممّا تقدم، يستخلص عجاقة بأن “الوضع الإقتصادي الحالي مرتبط بالوضع السياسي، والوضع السياسي مرتبط بجبهة غزة، وقد أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن جبهة لبنان لن تتوقف إلاّ عندما تتوقف جبهة غزة، وهذا الأمر يعني بكل بساطة أن الوضع الإقتصادي لن يتحسن قبل وقف النار في غزة، الذي سيؤدي إلى وقف النار في جنوب لبنان، وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وإجراء إصلاحات ولكن الخطوط العريضة لهذه الإصلاحات لم تظهر حتى الساعة في لبنان”.