لسنا قطعان ماعزٍ وأغنام في براري لبنان
أدعوكم لأن نزرع أصابعنا وأصواتنا وأعمارنا وشرفنا وشرقنا والغرب والأرض والسماء بالنقد والتهديم والتهشيم لسلطات وسلاطين لبنان القيل والقال وتقاسم الغلال بحماية معظم الشاشات والإذاعات والمقالات.
هاتوا ألسنتكم وما طالت أياديكم ولوحات المفاتيح أمامكم مبشّرين أولادكم وأحفادكم والعالم العربي والعالم كلّه قطعاً. نعم قطعاً بأنّ الله والمسيح وتلامذته ومحمد ورسله ينتظرون سقوط بل إسقاط السلاطين وقد أمعنوا وأدمنوا النهب والتخريب والأكاذيب والسرقات والقوّة والحيل المذهبية والإنحطاط الكامل في القول والسلوك والمنازعات التافهة وسياسات الاستقواء والإستجداء والإستعداء وكأنّ الشعوب دون قطعان الماعز والأغنام. لا… لستم قطعان ماعزٍ وأغنام.
أدعوكم من أجل لبنان الواحد الأحد للأجيال المقبلة لا لبنان المسيحي المتشعب المذاهب ولا الدرزي الحافل بالحكمة والقوة ولا السني الذي يختزن الكثرة المتشعبة ولا الشيعي الذي يُقاطر الشهداء بأصابعه حفاظاً على شتلة من تبغ…
لقد دمرتم جذور الديموقراطيات التي استوردوها لكم وهشمتم أشجارها وسحبتم ثمارها نحو خزائنكم وتجاوزتم الدكتاتوريات التي عرفها السلاطين عبر تسلّطكم وجشعكم والكيديات عبر كفر الأقارب والحزبيات والمستشارين والمستشارات والأتباع والتجار ورجال الأعمال والإقطاعيين وبات غسيلكم منشوراً فوق ألسنة شعوب لبنان أنيناً ورفضاً وشتائم وبتّم نماذج غريبة عجيبة ماحقة فوق سموات العواصم في الدنيا بما يتجاوز حناجر السفراء والموفدين وممثلي الأمم والأرض تبقى هي هي تلك المشتعلة بالجحيم تملكونه وتتقاسمون جثثه بحثاً عن التغيير.
تنمو التجارب الديمقراطية فتتحصّن بالشابات والشباب تراكم ثقافة نبذ الاستبداد عبر الحضانات والمدارس والجامعات والمجتمعات بهدف تدمير تقاليدها العفنة المصرورة منذ العصور الحجرية التي لا مكان لها بعد في التاريخ المعاصر. مسكين أيّ حاكم أو مسؤول هلهلت عظامه في الحكم يصدّق نفسه بخلوده أو بقدرته على طي سجادة الديمقراطية في الأرض المغمورة بثقافاتٍ الدنيا التي لاحدود لها والمنقوشة بعشق حريّة الأجيال في التعبير والتغيير وإصلاح الأنظمة المهترئة أو نسفها من جذورها وجذور حراميها وحُماتها عبر وسائل الإعلام والاتصال والتواصل الاجتماعي.
يا من يدّعي الزعامة في لبنان:
العالم كلّه مندهش بالاستبداديات المتجذّرة والصلبة في سياساتكم الدهرية ومواقفكم العبثيّة التي دمّرت لبنان والديمقراطية مقتدين أو محتمين ببعض بلدان العرب امتداداً نحو الشرق الذي تطلع منه الشمس. قد تتطلّعون بالإقتداء بما يحصل في الدول المقلوبة على قفاها اليوم لأنّها كانت تتدمّر وترجع الى الخلف. لنقل أنّ ما يجمع هؤلاء الحكّام جميعاً وخصوصاً في لبنان العظيم، هو تجويع الناس والفتك بحياتهم وطمس عيونهم كي لا نقول فقأها حجباً للأنوار في دروب الحياة والحرية والتحرّر والتغيير. خسئتم. تعدّون أيامكم المهلهلة الأخيرة، إن كنتم لا تدرون وأعرف أنكم لا تقرأون وإن قرأتم فإنكم أهل إيمان بالخرائب.
يمكنني التبشير تبشيركم، بسقوط التحكّم لا الحكم ولو كان سماويّاً عبر إيقاظكم العفن للصراعات الدينية والطائفية والمذهبية والحزبيّة والعائلية وتوظيف قوى الأمن أدوات طيّعة مسحاً للاحتجاجات والمظاهرات وحجباً لتجمّعات التقدّم والتفكير بإصلاح المجتمعات.
سيذريكم المستقبل القريب جدّاً مع الـ… وإملأوا أيّها القرّاء الفراغ بما تشتهون من الكلمات المناسبة لتكدّس الظلام أمامنا من موتكم أمام حكّامنا.
أنظمة إستبدادية في العالم تعفّنت عبر اشباه حكّام لم يدركوا مثلكم معنى الانسان، وهم يعتمدون أدياناً وأساليب قهر الإنسانية وذبحها في بطون الأمّهات لكنّ الأزمنة والإرادات جرفتهم، نعم جرفت الإمبراطوريات والأنظمة الشائعة الضخمة وأحرقت ورشها المقرفة المتضافرة المكدّسة في العالم كلّه.
يكفي أن تفتحوا عيونكم وآذانكم على الموسوعات أو على التطبيقات التاريخية عبر الفيسبوك وغوغل التي تؤرّخ بالصوت والصورة وعي حتى الأطفال في أسرّتهم ومدارسهم للأحداث والمشاهد الدموية الخاصة بنهايات الأنظمة الاستبدادية وتواريخها الوسخة.
إفتحوا أعينكم:
لم تحصل هذه النهايات، كما كتب صغار المؤرّخين وخلفهم العديد من أساتذة الجامعات والمفكرين منذ سقوط جدار برلين (9/10/1989)الذي اعتُبر الخطّ الفاصل بين الديمقراطية والديكتاتورية، بالرغم من أنّ هذا العام كان علامة الإهتزاز الهائلة في تاريخ الحكم والحكّام المعاصرين بعدما حصل السقوط المحتّم للفكر اليساري خلف مئوية ونصف تقريباً على البيان الشيوعي الأوّل.
لا تنسوا أنّ المصادفات شاءت أن يقع في السنة عينها العيد الـ 200 للثورة الفرنسية التي دمغت بمهدها عقل البشرية وعيونها باحتفالاتها اللافتة داخل مثلّث المساواة والأخوّة والحريّة المتساوي الأضلاع الذي استوردوه لكم وتقلّدوه أكاذيب وسمسرات ودكتاتوريات طائفية عبر سجلاّتهم السوداء.
يجذب حتى الفرنسيون العيون العالمية بالتجديد الدائم لهويّة الدولة وثورتها بمشاهد وأفكار قديمة لكنها فائقة الروعة سحبتنا نحو التوق إلى تاريخ الثورة وطعمها بالألف واللام وقيمها، وذكّرتنا بهشاشة الحكم الحاضر في معظم دول العالم العظمى والمتوسطة والصغرى الذليلة السخيفة حيال غزّة اليوم.
لبنان المثل والمثال تسلّق على أكتافنا إلى أعلى السلالم العالمية لكنّهم رفسوه نحو كعب سلم ترتيبات الدول، وكلّها أعني الدول في العالم مشغولة بحكّ رؤوسها وأنوفها بحثاُ عن تجفيف مستنقعات الحكم وأشكاله المهيضة وكيفية تخليص اللبنانيين من استبدادكم الذي تجاوز كلّ مدى في التاريخ.
لو خطوتم معي إلى الوراء لتذكرنا معاً سلاطين دمغوا التاريخ بديكتاتورياتم المحصّنة بالسرقات والإستبداد والقتل لكنها انهارت كلّها كما القفف الفارغة الممزقة في جنوبي أوروبا وأميركا اللاتينية وشرقي آسيا وأفريقيا والعالم :
1- روسيّا أضاعت عظمتها في العام المذكور، بانتخاب نوّابها ورئيسها وتبعتها انتخابات في الجمهوريات الاشتراكيّة الـ 15 ووصل فيلق التغيير الى الصين التي اجتاحتها مظاهرات المطالبين بالنظام ديمقراطي؟
2- أوروبا تُذكّرنا بسقوط حكومة “كايتانو” في البرتغال في الـ 1974 بانقلاب فتح النوافذ للناس بانتخاب عالم الاجتماع “ماريو سواريز” رئيساً للوزراء في ال 1976. تتذكرون سقوط العقداء أو “الجونتا” الذين قبضوا على اليونانيين خلال 7 سنوات من 1967 حتّى الانتخابات الشعبيّة لحكومة “كارامنليس” في الـ 1974. وتوفي جنرال إسبانيا “فرانسيسكو فرانكو” في الـ 1975 فاتحاً الطريق نحو ملامح الديمقراطية الشعبية في الـ 1977.
3- شهدنا في أميركا اللاتينية خلال عقدٍ ونصف سقوط الاستبدادية وشيوع الديمقراطية التي عادت إلى البيرو في الـ 1980 بعد دزّينةٍ من الحكم العسكري. وساهمت حرب “الفوكلاند” في ال 1982 بإسقاط الجيش في الأرجنتين وقيام حكومة “الفونسين” الذي انتخبه الشعب، ومثلها سقطت الحكومات العسكرية في الأورجواي في الـ 1983 والبرازيل في الـ 1984، وباراغواي وتشيلي ونيكاراغوا وبيرو وكولومبيا. ولم يبق مع بداية التسعينيات سوى كوبا.
4- أذكّركم بالتحولات المشابهة في شرقي آسيا وسقوط ديكتاتورية “ماركوس” في الفيليبين في الـ 1986 لمصلحة “كورازون آكينو”، وتخلّي الجنرال”شون” عن السلطة في كوريا الجنوبية قبل انتخاب” رو تاي وو” رئيساً، وبعد رحيل” شيانغ شنغ كو”، في الـ 1988 في تايوان، إذ راجت الأفكار التغييرية التحررية السريّة التي أوصلتهم الى “البرلمان” الأهلي، وكانت من تداعياتها، إسقاط الحكومة الاستبدادية في بورما وتلقّف فكرة حكم الشعب. أعلنت حكومة جنوب أفريقيا في بداية العام 1990 إطلاق سراح “نيلسون مانديلاّ” والاعتراف بالكونغرس الأفريقي الأهلي.
هكذا ندعو تكراراً لأن نزرع أصابعنا وأصواتنا وأعمارنا وشرفنا وما طالت أيادينا بالنقد والتهشيم والتهديم لمعظم سلاطين اليوم في لبنان وسلطاتهم المزيّفة مالئة أزلامهم ونساءهم ومخابراتهم ومؤسساتهم في الشاشات والإذاعات.
نعم، أمزجوا حليب أطفالكم طفالك،أطفاقطعاً بسقوط سلاطين النهب والأكاذيب والسرقات والقوّة والحيل المذهبية والإنحطاط في القول والسلوك والمنازعات التافهة وسياسات الاستقواء والإستجداء والإستعداء وكأنّ الشعوب ولدت لا لتنمو وتتطور وتحكم وكأنها دون قطعان الماعز والأغنام.
ألا تتمرّد القطعان على الرعيان.