لبنان في مرمى نتنياهو الباحث عن “هدف”
لبنان في مرمى نتنياهو الباحث عن “هدف”
ربما تكون الحرب في غزة قد شارفت على النهاية مع دخولها المرحلة الثانية من التدمير والإبادة التي تقوم بها إسرائيل منذ نحو عام ضد أهاليها، وهو ما يضع مجدداً الجبهة اللبنانية في مرمى بنيامين نتنياهو، الذي يبحث عن هدف ثانٍ يحقق له مواصلة حربه للبقاء في السلطة، بحيث تشي المواقف والتهديدات الإسرائيلية الأخيرة، بأن يكون جنوب لبنان هذه المرة في عين العاصفة، إلاّ إذا سلك مشروع التهدئة الذي يجري إعداده في كواليس الدبلوماسية اللبنانية بالدرجة الأولى، طريقه إلى الترجمة الفعلية.
فالتصعيد الإسرائيلي غير المسبوق في الأسبوع المنصرم، لا يمكن إدراجه في سياق المواجهات أو المناوشات التي تسجلها جبهة الجنوب منذ تشرين الأول الماضي، إذ أن الضغط العسكري قد تخطى كل قواعد الإشتباك السابقة، من أجل مواكبة الحراك الدبلوماسي والمفاوضات البعيدة عن الأضواء التي دخل على خطها مفاوضون أوروبيون وأميركيون، بغية إرساء هدنة في ظل غياب كل شروط ومقومات التسوية الفعلية.
وإذا كانت الضربات التي باتت تصل إلى “العمق” في الجنوب وتلامس الأحياء السكنية، فإن الخطورة لم تعد تقتصر على الإستهدافات لقرى حدودية على جانبي الجبهة الجنوبية، بل بانتقال العدو الإسرائيلي من القرى في الخط الثاني الحدودي، بعد تدمير قرى الخط الأول، إلى قرى الخط الثالث. وبحسب الخبراء، فإن هذا التطور يكتسب طابعاً دراماتيكياً، لكنه لن يصل إلى مستوى ما يجري الحديث عنه من حربٍ موسعة متفلتة من أي سقوف.
ويمكن القول إن فتيل الإنفجار قد اشتعل، والتصعيد هو عنوان المرحلة المقبلة، ولكن هذا لا يعني الحرب بالمعنى المعروف كالإجتياح البري أو كالعدوان على غزة أو الميني عدوان الذي تشهده الضفة الغربية.
وبخلاف الأشهر الماضية، فإن عودة الرسائل الدبلوماسية والتي حملها موفدون أخيراً إلى القيادات السياسية، تعيد إلى الأذهان صورة زحمة دبلوماسية مشابهة شهدتها بيروت على مرحلتين، الأولى عند بدء الحرب في 8 تشرين الأول الماضي، والثانية مطلع شهر آب الماضي، فهل وصلت جبهة الجنوب إلى المرحلة الثالثة، حيث سيتمّ تحديد المنعطف الجديد الذي سوف تتجه إليه الأوضاع الميدانية.
مما لا شك فيه أن زيارة الموفد الأميركي آموس هوكستين، تأتي اليوم في سياق استنفار أميركي باتجاه إسرائيل، بعدما كانت سبقتها رسالة إلى قيادتها تشدد على أهمية عدم الذهاب إلى ترجمة التهديدات الأخيرة ضد لبنان.
ومع أن الضغط الأميركي على نتنياهو قد تراجع من حيث الفاعلية والقدرة على التأثير، فإن قرار الحرب الموسعة الذي تعددت السيناريوهات حولها، ما زال معلقاً على الموقف الأميركي، المنشغل بالإنتخابات الرئاسية ولا يريد صرف الإهتمام عن الداخل من خلال حربٍ جديدة ضد لبنان، خصوصاً وأنه ما زال يضع كل ثقله من أجل الوصول إلى اتفاق تبادل للأسرى والمعتقلين بين حركة “حماس” وإسرائيل، ووقف النار في غزة.
وممّا تقدم، فإن التصعيد لن يصل إلى حرب ولكنه تجاوز مستوى المشاغلة إلى المواجهة الفعلية، وبالتالي، فإن الجبهة ستبقى تحت السيطرة بمعزلٍ عن الضربات الأخيرة، وما رفعُ وتيرة الإستهدافات إلاّ السعي إلى استباق زيارة هوكستين إلى إسرائيل وفرض أمر واقع ميداني لا بدّ وأن يكون له الوقع على طاولة التفاوض الذي ما زالت قائمة في المنطقة.