“سر الزر الأحمر” في تفجيرات “البيجر”.. معلومات مثيرة
خلفت الشظايا المتفحمة عقب انفجارات أجهزة البيجر والاتصال اللاسلكية المحمولة في لبنان أدلة على ما وصفته صحيفة “واشنطن بوست” بـ “حبكة الزر الأحمر الإسرائيلية”، وكيف انخرط “مسؤولون غربيون وإسرائيليون” حاليون وسابقون في جهود مدروسة بعمق امتدت عقدا بأكمله لاختراق جماعة حزب الله.
وتظهر العلامات الظاهرة على مكونات الأجهزة المتفجرة مساراً يمكن تتبعه لمصنعين متمثلين بشركات وهمية في تايوان والمجر يشتبه بأنه تم استغلالها أو الإيقاع بها من قبل الاستخبارات الإسرائيلية، كي تتنكر بدور يزعم أنه ساهم في بتوصيل الأجهزة المتفجرة إلى حزب الله، بحسب الصحيفة.
وذكرت أيضاً أن المسؤولين الأمنيين في إحدى العواصم الأوروبية يبحثون إمكانية تواجد شركة واجهة أخرى واحتمالية كونها البائع الحقيقي في صفقة البيجر.
كذلك، وصف مسؤولون حاليون وسابقون للصحيفة هذه التجربة بأنها جزء من جهد متعدد الجوانب من جانب إسرائيل على مدى العقد الماضي لتطوير ما وصفه مسؤولون إسرائيليون بقدرة “الزر الأحمر”، وهو ما يعني احتمالية تحقيق اختراق مدمر لخصم يمكن أن يظل طي الكتمان لعدة أشهر إن لم يكن سنوات قبل تنشيطه.
ولكن السبب الذي دفع إسرائيل إلى الضغط على “الزر الأحمر” هذا الأسبوع لا يزال غامضاً، وفق تعبير الصحيفة، التي أشارت إلى أن الخبراء تكهنوا بأن المسؤولين الإسرائيليين كانوا قلقين من احتمال اكتشاف تحويل آلاف أجهزة البيجر إلى عبوات ناسفة صغيرة.
ويقول المسؤولون لـ”واشنطن بوست” إن مثل هذه الهجمات مصممة عموماً لإطلاقها كمقدمة لهجوم أوسع نطاقاً، مما يؤدي إلى زرع الفوضى استعداداً للعمليات العسكرية اللاحقة.
وذكر مسؤول إسرائيلي سابق مطلع على عملية أجهزة النداء إن “الزر الأحمر” يدل على “لشيء يمكنك استخدامه عندما تريد أو تحتاج إليه”.
وأوضح أن تفجير الأجهزة هذا الأسبوع “لم يكن جزءا من الخطة الشاملة” التي تم تصورها عند بدء العملية، رغم أنه أكد أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن ذلك كان له تأثير كبير.
“انظروا إلى النتيجة”، يقول المسؤول السابق للصحيفة، في إشارة إلى الانفجارات التي أدت إلى إصابة أو قتل قادة في حزب الله، وملأت المستشفيات وأوقفت قدرة عناصر الحزب على استخدام معدات الاتصالات الأساسية لديهم كما فقدوا ثقتهم بها.
وتحدث هو ومسؤولون آخرون حاليون وسابقون لواشنطن بوست بشرط عدم الكشف عن هويتهم، مشيرين إلى سرية العملية وحساسيتها.
وقال مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق ثانٍ للصحيفة إن الانفجارات كانت “تتويجا لاستثمار متعدد السنوات في اختراق هياكل الاتصالات والخدمات اللوجستية والمشتريات لحزب الله”.
وقال المسؤول إنه قبل وقت طويل من تعبئة أجهزة البيجر بالمتفجرات، كانت وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية” الموساد” وغيرها من الوكالات قد استوعبت بالتفصيل “ما يحتاجه حزب الله، وما هي ثغراته، والشركات الوهمية التي يعمل معها، وأين هم، وما هي جهات الاتصال”.
وبعد رسم خريطة لهذه الشبكات، قال المسؤول السابق: “إنك بحاجة إلى إنشاء بنية تحتية من الشركات، حيث تبيع إحداها إلى أخرى تبيع بدورها إلى أخرى”، وكل هذا من أجل الاقتراب من وكلاء الشراء التابعين لحزب الله، الذين يعتمدون على شركات وهمية خاصة بهم، وفي الوقت ذاته يخفون أي صلة بإسرائيل.
وتشير السجلات المؤسسية الضئيلة للشركات الأوروبية المرتبطة بأجهزة البيجر إلى مؤسسين لا يملكون خلفية واضحة كموردين لمعدات الاتصالات أو ارتباط واضح بالحكومة الإسرائيلية، الأمر الذي يترك مجالاً للشك فيما إذا كانوا على علم بالأدوار التي ربما لعبتها شركاتهم في الهجوم على حزب الله.
وفي ظل دخول العديد من عملاء حزب الله إلى المستشفى ومحاولة آخرين تقييم الأضرار التي لحقت بالمنظمة، وصف أفراد مرتبطون بالجماعة هجوم البيجر بأنه فشل أمني مذهل.
وتساءل أحد الأفراد اللبنانيين المقربين من الحزب على التالي: “كيف لم يتمكن حزب الله من التحقق من هذه الشحنة عندما وصلت؟ لديهم القدرة التقنية، لقد صنعوا طائرات بدون طيار وصواريخ. كيف لا يستطيعون اكتشاف هذا الاختراق؟”
ولكن التفاصيل الرئيسية حول هذه العملية لا تزال مبهمة، بما في ذلك ما إذا كانت إسرائيل قد اعترضت شحنة من أجهزة البيجر وتلاعبت بها، أو ما إذا كانت قد نفذت مخططاً قامت فيه أجهزة استخباراتية إسرائيلية بتصنيع أو تجميع أجهزة محملة بالمتفجرات.
من جهتها، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قامت بتصنيع هذه الأجهزة وأنشأت شركات وهمية لخداع حزب الله. ولم تعترف الحكومة الإسرائيلية علناً بمسؤوليتها عن التفجيرات.
كذلك، قال مسؤولون أمنيون أميركيون وغربيون إنهم ما زالوا يجمعون التفاصيل. أيضاً، ذكر العديد من المسؤولين أنهم يفترضون، ولكنهم لم يؤكدوا، أن العمل على تركيب المتفجرات داخل أجهزة النداء تم في إسرائيل، لتجنب مخاطر التعرض أو التعرض لحادث في أرض أجنبية. (الحرة)