لقاء سعودي – شيعي يحدِّد مصير قائد الجيش
لقاء سعودي – شيعي يحدِّد مصير قائد الجيش
كل ما حدث رئاسياً طوال سنتين ونصف من الشغور لم يعد هاماً ويمكن وضعه في إطار “تضييع الوقت”، لكن اللقاء الذي سيجمع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مع الرئيس نبيه بري في الرابع من الجاري سيكون المرحلة المفصلية على مستوى رئاسة الجمهورية.
يصل بن فرحان إلى بيروت في 3/1/2025 وسيلتقي بري في 4/1/2025، وبالطبع هدف زيارته هو البحث في ملف رئاسة الجمهورية، والدفع باتجاه انتخاب رئيس في جلسة 9ك2 2025. ولم يعد خافياً أن الوزير السعودي يفضِّل قائد الجيش العماد جوزاف عون على باقي المرشحين، وهناك تكمن أهمية لقاء بن فرحان – بري.
إذا كان وزير الخارجية السعودي واضحاً في خيار ترئيس الجنرال عون، فلن تكون مسألة عابرة أو تفصيلية ل”الثنائي الشيعي” للتعاطي معها. فزيارة الوزير السعودي تحمل أبعاداً وأهدافاً أكبر من إسم الرئيس، وهي تأتي في سياق رغبة المملكة العربية السعودية بالعودة إلى المنطقة، ولبنان تحديداً، بعد انكفاء طويل.
بناءً عليه، سيكون على “حزب الله” وحركة “أمل” أن يدرسا خياراتهما جيداً، لأن الرفض ستكون له تداعيات كبيرة على لبنان عموماً والشيعة خصوصاً، فالشيعة اليوم هم الأحوج إلى فتح صفحة جديدة مع المملكة العربية السعودية، لا سيما بعد سقوط نظام بشار الأسد وتراجع قوة إيران الإقليمية، إضافة إلى أن القادم بالنسبة لإيران لن يكون أفضل، فمن يضمن بقاء النظام الإيراني الحالي، ومن يعلم إلى أين سيتّجه التصعيد الأميركي – الإسرائيلي بوجه إيران التي خسرت في غزة ولبنان وسوريا.
ومن الطبيعي أن يكون “الثنائي” على استعداد لإعادة النظر بموقفه المتصلِّب من الرئاسة، بما فيها ترشيح الجنرال عون بناءً على الضمانات والحوافز والإستعدادات السعودية والدولية تجاه لبنان، لا سيّما على مستوى إعادة الإعمار وحفظ مكانة الشيعة في التركيبة اللبنانية، ووقف استهدافهم خصوصاً بعد معالجة مسألة سلاحهم وعودتهم الكاملة إلى كنف الدولة.
ولا شكّ أن أي تعديل في الموقف إذا ما حصل، لن يأتي إلاّ نتيجة هذا اللقاء – القمة بين الطرف السعودي والطرف الشيعي، حيث يأتي حينها في سياق متكامل ويتمّ تسليفه للطرف الأصيل بدل إعطاء هذه الورقة للداخل إلى الوكيل، أي للكتل المؤيدة لهذا الترشيح.
أمّا إذا أتت مقاربة بن فرحان عامّة ولم تدخل مباشرة بأي تسمية، فهذا يترك الباب مفتوحاً للرئيس بري للمناورة رئاسياً، وتعود الطابة إلى الملعب الداخلي لإنتاج توافق رئاسي. لكن هذا لا يعني أنه يمكن ل”الثنائي” تمرير أي رئيس، إذ ستبقى موافقة الخارج، وتحديداً الثنائي السعودي ـ الأميركي، ضرورية لرعاية العهد الرئاسي المقبل، تجنّباً لتجربة العزل التي حصلت في عهد الرئيس السابق ميشال عون، ممّا يستدعي توافقاً بين “الثنائي الشيعي” والمعارضة، وتجنّب التفكير بأي مغامرة للإتيان برئيس من طرف واحد.