اخبار محلية

عون ينسف خطط حكومة حسان دياب

“ليبانون ديبايت”

وعود كثيرة أطلقها الرئيس جوزف عون في خطاب القسم بالأمس، إلاّ أن السؤال البديهي المطروح اليوم، هو ما إذا كانت قابلة للتنفيذ؟ عن هذا السؤال تُجيب الباحثة والكاتبة الإقتصادية فيوليت غزال بلعة، التي تؤكد أن انتخاب عون “أُحيط بدعمٍ خارجي غير مسبوق، وهذا ما سيسهّل على الرئيس عون مشروع إخراج لبنان من أزماته المتشعّبة، لكن بشرط تذليل المعوقات الداخلية، وهي كثيرة، وأهمّها قدرته على كسر طوق الفساد ومواجهة مشاريع الإرتهان للخارج التي أمعنت في إنهاك البلاد عبر سرقة مقدراته وثرواته”.

وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، تطرح الكاتبة بلعة، وبشكل مفصّل، المسار لكل هذه العناوين الإقتصادية، فتعتبر أن “المهم أن يسير الرئيس عون بمشروع إعادة الإنتظام للحياة الدستورية بالسرعة المطلوبة، بدءاً من اختيار رئيس حكومة ووزراء أكفياء ونظيفي الكفّ، ليكونوا إلى جانبه في تنفيذ البرنامج الإصلاحي الواسع الذي وردت بعض بنوده في خطاب القسم، وإن استطاع الرئيس فرض توافر الإرادة السياسية لتنفيذ ما أطلقه من عهود، فستشكل غطاءً ضامناً للمرحلة الجديدة التي يفترض أن يكون لبنان قد دخلها منذ انتخاب جوزف عون رئيساً، خصوصاً وأن الشقّ الإقتصادي والإجتماعي في خطاب القسم، يضع الإصبع على جرح الأزمات، لكن وبحسب التجارب السابقة، تبقى العبرة في التنفيذ”.

وفيما يبقى الهمّ الأول هو حماية الودائع، فإن بلعة تكشف بأنه “لا يستطيع أي عاقل، أن لا يتعهد بحماية أموال المودعين أو الإيحاء بمحاولته العمل لإعادتها إلى أصحابها، لأنها حقّ، ولا حقّ يموت ووراءه مطالب”.

وعليه، تجد بلعة، أن المسار الأصلح في مسألة أموال المودعين يبدأ من “استعادة الثقة بالقطاع المصرفي والمالي والنقدي، الأمر الذي يبدأ عبر نسف كل الخطط والبرامج الإصلاحية التي وُضعت منذ عهد حكومة حسان دياب، واستبدالها بوضع مبادرة إنقاذ شاملة من أصحاب الإختصاص لا من الإستشاريين، لكي توحي للخارج بوجود عزم وتصميم داخلي لعودة لبنان إلى حضن المجتمع الدولي، بما يؤذن ببدء عملية ترميم الثقة التي فُقدت بالأداء الرسمي، بما من شأنه أن ينسحب إيجاباً على كل مفاصل عملية النهوض الإقتصادية الموعودة”.

وهنا، تقول بلعة إنه “يجدر برئيس الجمهورية كما بالحكومة، العمل على مواجهة تحدي إصلاح القطاع المصرفي عبر إعادة هيكلة القطاع بناءً على رؤية شاملة وشفافة لتمكينه من العودة لتمويل الإقتصاد بدلاً من السعي للقضاء عليه، بما يتيح معالجة مسألة أموال المودعين كما ملف سندات اليوروبوند عبر محاورة الدائنين، توصلاً إلى تسوية مقبولة تقي لبنان شرّ الدعاوى القضائية التي يمكن أن تُقام ضده في الخارج، بمعنى أن يتم الإقرار بتوزيع الخسائر المقدرة بأكثر من 100 مليار دولار، على الدولة أولا، ثم مصرف لبنان، وبعدهما المصارف، لأنه حين يتحمل كل طرف حصته من المسؤولية تجاه حقوق المودعين، ويعود الإنتظام للحياة الاقتصادية عبر دخول الأموال (أموال الدعم وإعادة الإعمار، …) والإستثمارات وإيرادات السياحة، يُمكن للمصارف حينها إعادة تكوين ما خسرته من أموال هي في الأساس للمودعين”.

وعن التوقيت المتوقع، تشير بلعة إلى أن هذا المسار يتطلب وقتاً، لذلك يمكن للعهد الجديد وللحكومة الجديدة “برمجة” عملية إعادة الحقوق المالية لأصحابها على نحو عادل وشفاف، سواء عبر استحداث “صندوق أموال المودعين” أو عبر مبادرات تستند إلى قدرة كل مصرف على ردّ الودائع وفقاً لحجم السيولة التي يملكها، فالمهم أن يتحلّى العهد الجديد بالقدر الكافي من الشفافية لمصارحة المودعين بمشقة إقفال هذا الملف من دون خسائر يرتّبها عامل الوقت والكلفة التي يمكن أن يتحمل المودع نفسه، قسماً منها.

ضبط الحدود

وعن الوعد بوضع حدٍ للتهريب وضبط الحدود، تقول بلعة إن خزينة الدولة عانت دائماً من عجزٍ في تحصيل كل إيرادتها العامة، وأولّها إيرادات الجمارك والمعابر بسبب عمليات التهريب التي أنهكت موازنة الدولة وأوقعتها في عجز صارخ، فمن المؤكد أن تنظيم عملية ترسيم الحدود وإقفالها بالإتجاهين، وحصر عبور الأفراد والبضائع بالمعابر الشرعية، سيعيد تغذية الإيرادات العامة بأرقام لا يُستهان بها، بما يخفف من وطأة الأزمات، تصديراً واستيراداً، وهذا الأمر ممكن عبر التفاهم مع القيادة السورية الجديدة، الأمر الذي يفترض حصره بمفاوضات “من دولة الى دولة” بعد إلغاء المجلس الأعلى السوري اللبناني والإتفاقات المنبثقة عنه، والتي “لم تراع مصلحة لبنان يوم فرضها نظام بشار الأسد على أتباعه من الطبقة السياسية في حينه”.

السياحة والصناعة

وفي الشقّ المتعلق بقطاعي السياحة والصناعة، ترى بلعة أن القطاعين “يشكلان العمود الفقري للإقتصاد الوطني، لكنهما يحتاجان حتماً إلى جرعات من الثقة لكي ينهضا من كبوة السنوات الخمس الأخيرة وما سبقها من أعوام فوّتت العديد من الفرص عليهما، فاذا نجح الرئيس عون في إعادة الثقة بالأداء الرسمي، يمكن التفاؤل حتماً بأن السياحة ستكون الرافعة الأولى للإقتصاد، ليأتي من بعدها قطاع الصناعة الذي يحتاج إلى سلة حوافز تتمثل بإعفاءات ضريبية وتسهيلات لوجستية تبدأ بإزالة العوائق على طريق بيروت-دمشق، لان سوريا هي المعبر البري الوحيد لصادرات لبنان الى العالم العربي والخارجي”.

وإذ تقرّ بلعة بأن خطاب القسم كان “رائعاً بشموليته”، لكنها تشير إلى “تحديات هائلة” تبدأ من عملية إعادة الإعمار المُكلفة زمنياً ومادياً، على أن “يترافق تصميم الرئيس مع رغبة سياسية في التقاط فرصة الإنقاذ في ظل الدعم الدولي والعربي الذي يواكب عملية التغيير الجارية في منطقة الشرق الأوسط، وهي فرصة قد لا تتكرر مستقبلاً ولئلاّ يعود لبنان ليطبّق على نفسه توصيف ضيّاع الفرص”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com