دقت ساعة الارتطام: اكتووا بنار جهنم ايها اللبنانيون!
بقلم بولا اسطيح – Alkalima Online
ها قد ارتطمنا! السقوط الحر المستمر منذ نحو عام ونصف والذي تسارعت وتيرته في الاشهر الماضية وصل اخيرا الى نهايته.. النهاية كما كان متوقعا غير سعيدة..هي كارثية.لكن للمفارقة كان الناس يتوقون الى هذه النهاية.. يتوقون للارتطام ظنا انهم سيشهدون ولادة جديدة للبنان.
كانت كل القوى السياسية تعلم ان الارتطام مقبل وان وقعه سيكون مدويًا.. لم يعنها ذلك.. واصلت صراعها على الحصص والمغانم على اشلاء وطن.. لا بل ابعد من ذلك اطلقت معاركها وحملاتها الانتخابية من دون خجل فأمعنت بشد العصب الطائفي والمذهبي عند كل حدث وكل محطة. قوى السلطة المنهمكة بضمان بقائها في السلطة لم تلتفت لوضع خطط طوارىء لتخفيف من وقع الارتطام والحد من تداعياته.. بقيت تلوح بالبطاقة التمويلية حلا وحيدا صورته “سحريا” للبنانيين من دون ان تنجح حتى الساعة بتحديد مصدر لتمويلها ووضع آلية واضحة لتنفيذها.. حصل الارتطام والمسؤولون عن اصدار هذه البطاقة لم يتفقوا على المبلغ الذي ستتضمنه وعلى العملة التي ستعتمد..
والانكى من ذلك كله ان وقوع الواقعة لم يؤثر بالقوى الحاكمة والمتحكمة بالبلاد والعباد، هي وجدت طريقها لتستثمر حتى بالارتطام معتبرة انه حاصل لا محال لكن كان يفترض تأجيله اكثر وبالتالي تمديد الذل اليومي الذي يعيشه اللبنانيون بحثا عن مواد اساسية نفذت.خرج احدهم كبطل ثوري ليرفض قرار رفع الدعم ويربطه بتوزيع البطاقات التمويلية وكأن هذه البطاقات “رح تشيل الزير من البير”.. الم يجر هذا بعض الحسابات ليكتشف ان بطاقة سقفها مليون ليرة شهريا كفيلة بتأمين “تفويلة” واحدة للسيارة اسبوعيا وانها لن تلحظ اي من المصاريف الاخرى وعلى رأسها المواد الغذائية المتوقع ان تحلق اسعارها مع تحليق سعر المحروقات؟!
بالمختصر، من يدفع باتجاه استمرار سياسة الدعم كما هي حتى نهاية ايلول يدفع باتجاه تأجيل الانفجار الشعبي والاخطر باتجاه مواصلة صرف ما تبقى من اموال المودعين بلا حسيب او رقيب. قد ينجح هذا او ذاك باقناع الناس انه الى جانبهم وبصفهم وانه سيتصدى لافقارهم وتعتيرهم.. هو نفسه الذي لم يحرك ساكنا للتصدي لاذلالهم…
رئيس الجمهورية نجح برمي كرة المسؤولية عنه بإستدعائه حاكم المركزي واصداره سلسلة مواقف تؤكد رفضه لرفع الدعم بالطريقة التي تم فيها من دون ان يقدم اي حلول عملية. رمى الكرة في ملعب الحكومة ورئيسها المعتكف منذ فترة.. كرة ستصل عاجلا ام آجلا الى ملعب رئيس البرلمان المنهمك باصدار فتاوى دستورية تبعد عن مقربين منه كأس التحقيق معهم بجريمة انفجار المرفأ. وتقول مصادر قريبة من الرئيس عون انه ابلغ رياض سلامة برفضه قراره وحثه على مواصلة الدعم وان كان باعتماد سعر صرف جديد متكئا على “الموافقات الاستثنائية السابقة الصادرة عن مجلس الوزراء”، الا ان الحاكم الذي بدا متفهما لرغبة رئيس البلاد، كان حاسما لجهة اصراره على تعديل قانون النقد والتسليف للمس بالاحتياطي الالزامي…
وبانتظار من سيلتقط كرة المسؤولية، لا محطات ستفتح ابوابها لتعبئة خزانات السيارات الفارغة، لا مولدات ستنير منازل اللبنانيين، لا مازوت للمستشفيات التي بدأت باقفال ابوابها ولا غاز حتى لاعداد الطعام في مطابخنا.. كل ذلك لا يستدعي برأي مسؤولينا اعلان حالة الطوارىء في البلد.. بالعكس تماما اعلن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي انه سيلتقي الرئيس عون الاسبوع المقبل لاستكمال المشاورات الحكومية.. انها عطلة نهاية الاسبوع حيث لا يصح خلالها على الارجح الاهتمام بالشأن العام..
حتى يستكمل الرجلان مشاوراتهما وكباشهما على وزارة من هنا واخرى من هناك، اكتووا بنار جهنم ايها اللبنانيون!