هاجس جنبلاط يدفعه لهذا الخيار… الأمور ببدايتها ومخاضها صعب
“ليبانون ديبايت”
لم يفاجأ ترشيح الحزب التقدمي الاشتراكي قائد الجيش جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، إلا أنه استبق الجميع إلى حسم خياره، مما ولد شعوراً بأن زعيم المختارة قد وصلته كلمة السر، وتقاطع موقفه هذا مع دعم رئيس هيئة تحرير الشام للعماد عون في حال انتخابه، بما يوحي بأن الشأن الرئاسي أمام مسارين: إما الحل أو التعقيد.
ويرى الكاتب السياسي إبراهيم بيرم، في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أن “وضع قائد الجيش اليوم متقدم بين متساويين، أي أن إسمه أكثر رنيناً سياسياً”، لكنه يعتبر أن “الأمر ليس محسوماً بالنسبة إليه، حيث هناك عقبات تحول دونه”.
ويعدد بيرم العقبات، وهي: أولاً هو مرشح الولايات المتحدة الأميركية فقط، فليس من قوة محلية تُزكّيه من الأساس باستثناء الولايات المتحدة الأميركية، ومؤخراً تبناه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، لكن أغلبية القوى الأخرى المسيحية أو الإسلامية على حد سواء لم تبد أي موقف بعد. فالثنائي لديه حساباته فهو لا يعارض وصوله، لكن في الوقت عينه يريد الثمن لقاء ذلك من قبل إدارة المنطقة بشكل عام وبالتحديد الأميركية.
وأضاف، وصوله بيد رئيس مجلس النواب نبيه بري حصراً، حيث بإمكانه تعديل الدستور أو بإمكانه أيضاً منع تعديله، وحتى الآن هو يوحي بأنه ليس من السهل عليه تعديل الدستور، مما يعني أنه حتى الساعة الرجل مُمانع لوصوله إلى أن يأخذ شيئاً في المقابل، من الممكن أن يكون الثمن إعادة الإعمار أو قضايا أخرى لها علاقة بمستقبل الوضع السياسي. فالمشكلة تتمثل الآن بأن الجميع يريد رسم خطوط خاصة به في المعادلة السياسية المقبلة.
وفيما يتعلق بإعلان جنبلاط، يلفت بيرم إلى أن “هناك 3 أمور استدعت ذلك مع العلم أن العقلية الجنبلاطية تاريخياً لا تحبذ قائداً للجيش رئيساً للجمهورية وذلك منذ أيام الراحل كمال جنبلاط وصولاً للأمس القريب، ولكن يبدو وكأن جنبلاط يريد “بيع” موضوع الرئاسة لجهات خارجية وبالتحديد أميركا والمملكة العربية السعودية ودول الخليج عموماً وحتى القوى الجديدة في سوريا وفي تركيا. وجاء كلام الجولاني عن تأييد قائد الجيش بمثابة رسالة أو إشارة التقطها جنبلاط سريعاً، وبالتالي سارع إلى إعلانه الرسمي وكأنه يضرب أكثر من عصفور بحجر.
فهو برأي بيرم يحاول أن يرضي النظام الجديد في سوريا من أجل الحفاظ على المجموعة الدرزية في سوريا، لأن هناك مشكلة مكتومة حتى الساعة بين دروز سوريا والقوى هناك وهناك خوف من الآتي، وبالتالي هو يحاول أن يقوم بمصالحة فهو أسرع واتصل بالجولاني ومن ثم سيقوم بزيارة سوريا، وهذه العوامل تدل على أنها رسالة في ظل صراع بين جنبلاط والتيار الإسرائيلي داخل الطائفة الدرزية. فهو غير مسيطر على هذه الكتلة الدرزية الأكبر في سوريا وهي تقارب المليون نسمة، بالتالي هناك نوع من حالة فراغ وخوف عند جنبلاط من الإسرائيليين حيث هناك 6 أو 7 قرى أعلنت رغبتها بالانضمام إلى إسرائيل، لذا هناك هاجس ومشكلة لدى جنبلاط وهو يحاول أن يغطي عليها بالتصالح مع المرحلة المقبلة والتي عنوانها العريض “رئيس أميركي الهوية”.
وهل من مؤشرات من خلال دعم الجولاني لقائد الجيش وما استتبعته من موقف جنبلاطي عن نوع من وصاية سورية جديدة؟ يستبعد بيرم هذا الأمر ويقول: “السوريون الحكام اليوم موصى عليهم وهم أدوات عند غيرهم من الأتراك والأميركيين وليسوا مستقلين أو قوة بحد ذاتهم فهم بالدرجة الأساسية قوة لدى الأتراك، بالتالي من الممكن أن تكون الإشارة تركية.
كما يذكر أن الإدارة الحالية الأميركية تريد قائد الجيش، فيما إدارة ترامب الجديدة تتمهل ومن الممكن أن تكون لا تريده. فمسعد بولس يطالب بتأجيل الانتخابات شهرين، والقوات اللبنانية أيضاً تحاول المطالبة بتأجيلها لأن جعجع يعتقد أن التأخير سيغير من المعادلة ويمنع الوصول المؤكد لقائد الجيش اعتباراً منه أن الإدارة المقبلة لا تريده.
ومن هذا المنطلق يعتبر أن القضية معقدة والأمور لا زالت في بدايتها ومخاضها صعب وليس سهلاً. وفي حال فاز عون فهو مكبل بجملة شروط واعتبارات من قبل كافة الأفرقاء. وأما السنة في البلد كالسعوديين فعينهم على رئاسة الحكومة فهم من الآن يريدون أن يضمنوا رئيساً لهم وميقاتي يحضر نفسه اليوم ولكن الأمور ليست محسومة، علينا أن ننتظر الكلمة السعودية.