تطور قد يُغيّر مجرى الأحداث في سوريا
تطور قد يُغيّر مجرى الأحداث في سوريا
في خطوة تبرز تحولات جديدة في الملف السوري، عُقد مؤخرًا اجتماع بين الوفد الأميركي برئاسة باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ورئيس هيئة “تحرير الشام” أحمد الشرع، هذا اللقاء يُعد بمثابة علامة فارقة في المشهد السوري، خاصةً في ظل التحديات السياسية الإقليمية والدولية.
يؤكد الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، الدكتور خالد الحاج، في حديث لـ”ليبانون ديبايت”، أن “الاجتماع الذي جمع الوفد الأميركي بأحمد الشرع يشير إلى بداية مرحلة جديدة في الملف السوري، الشرع، الذي مثّل تحولًا جذريًا في خطاب المعارضة السورية، يعكس قدرة تيار محدد على تقديم نفسه كلاعب سياسي واقعي، مستفيدًا من الأخطاء التي ارتكبتها المعارضة السورية التقليدية”.
وبرأي الحاج، فإن “هذا التطور يستحق التوقف عنده لفهم آثاره على مستقبل سوريا وديناميكيات القوى الإقليمية والدولية:
أولًا- أحمد الشرع وواقعية الخطاب السياسي:
تاريخيًا، عانت المعارضة السورية من تحديات كبيرة في تقديم خطاب سياسي مقنع وواقعي، خصوصًا في ظل إشكالية أسلمة الثورة وتطرف بعض فصائلها، هذه الإشكالية كانت من الأسباب الرئيسية التي ساهمت في بقاء النظام السوري، حيث استخدمها لتشويه صورة الثورة على المستويين المحلي والدولي.
أحمد الشرع، الذي يمثل تيارًا سلفيًا جهاديًا بخلفيات تمتد من الشيشان إلى أفغانستان، استطاع أن يتحول إلى رمز للواقعية السياسية، وهو أمر يستحق التوقف عنده، فقد نجح في تقديم صورة جديدة للمعارضة من خلال رسائله التي وجهها عبر مقابلات صحفية غربية، وإدارته للوضع الأمني في المناطق الخاضعة لنفوذه بطريقة خالية من الانتقام والفوضى. هذا التحول يُظهر فهمًا واضحًا للواقع الجيوسياسي وتعقيداته، خصوصًا فيما يتعلق بمصالح القوى الإقليمية والدولية.
ثانيًا- الدور التركي والقطري:
كان لتركيا وقطر دور حاسم في صياغة خطاب الشرع الجديد، تركيا، على وجه الخصوص، أدركت أهمية إعادة توجيه المعارضة السورية نحو الواقعية السياسية بما يتماشى مع التوازنات الإقليمية والدولية. هذا الدعم ساعد الشرع على استيعاب قواعد اللعبة السياسية الجديدة، مما عزز فرصه في بناء قنوات تواصل فعالة مع الولايات المتحدة ودول أخرى.
ثالثًا: اللقاء مع الوفد الأميركي ودلالاته، إن اجتماع الشرع بالوفد الأميركي ليس حدثًا عابرًا، بل يحمل دلالات عميقة، أهمها:
-قبول أميركي تدريجي للشرع: مجرد انعقاد اللقاء يشير إلى اعتراف الولايات المتحدة بأهمية الشرع كلاعب سياسي محتمل في المستقبل السوري.
-بداية رفع القيود الدولية: الحديث عن رفع اسم الشرع من قوائم المكافآت الأميركية يمثل إشارة إلى تغيّر في الموقف الأميركي، ويمهد الطريق نحو تخفيف العقوبات، بما فيها “قانون قيصر”.
-إعادة هيكلة النظام السياسي السوري: هذا اللقاء يُبرز محاولة لإعادة هيكلة النظام السياسي في سوريا بما يتماشى مع النفوذ الأميركي ومصالحها.
ورغم هذه الإشارات الإيجابية، يُشير الحاج إلى “التحديات التي قد تواجه الشرع في فرض رؤيته الواقعية، من أبرز هذه التحديات، هي إدارة التوازنات داخل التيار الجهادي، فنجاح الشرع مرهون بقدرته على فرض براغماتيته على التيار الذي يمثله دون إثارة انقسامات داخلية، وبالتالي هناك الضغوط الإقليمية، حيث قد تنظر إيران إلى الشرع كتهديد مباشر لمصالحها، مما قد يدفعها إلى تكثيف محاولاتها لإضعافه، بالإضافة إلى ثبات الموقف الأميركي، فالسياسة الأميركية غالبًا ما تكون متقلبة، مما يضع مستقبل هذا التعاون موضع شك، خصوصًا في ظل التغيرات السياسية المحتملة داخل الولايات المتحدة نفسها”.
وفي الختام، يُشدد الحاج، على أنه “لا يمكن فصل التطورات المتعلقة بالشرع عن الموقع الجيوسياسي لسوريا كدولة طوق لإسرائيل ونقطة تقاطع للمصالح الإقليمية والدولية، تركيا وقطر تدركان أهمية سوريا كجزء من معادلة التوازن الإقليمي، وتسعيان لتعزيز دور قوى محلية يمكنها مواجهة نفوذ إيران”.