اقتصاد

عام 2023… هل سيكون لسطوع بريق الذهب؟

عام 2023… هل سيكون لسطوع بريق الذهب؟

يبدأ المتداولون في أسواق السلع و المعادن العام 2023 بكثير من التفاؤل، إذ يدخل المعدن الأصفر

بروافع شراء قوية على رأسها البنوك المركزية وطلب الأفراد وأيضا مدفوعا بتكلفة الفرصة البديلة في بعض الأسواق.

ونقصد بتكلفة الفرصة البديلة اللجوء إلى شراء أصول تحفظ القيمة وتحقق مكاسب أكبر

مقابل توقعات بتناقص قيمة أصول أخرى، مثال لذلك الدول التي شهدت عملاتها تراجعات

حادة مع ارتفاعات الدولار الأميركي مثل مصر وتركيا والهند التي اقترب فيها

سعر الذهب لأعلى مستوياته التاريخية بالتسعير بالعملة المحلية.

أسواق السلع و المعادن

هذا بالإضافة إلى عامل آخر سوف يعيد الطلب الاستثماري للانتعاش هذا العام وهو التغيير المتوقع

في وتيرة رفع سعر الفائدة، وتأكيد هذا تحصلت عليه الأسواق في آخر بيانات سوق العمل

لشهر ديسمبر 2022 والذي أظهر تباطؤ ارتفاع معدل الأجور مع استمرار

تراجع معدلات التضخم متوقع أن يرتفع الطلب الاستثماري على المعدن الأصفر،

كما من المتوقع أن يستفيد الذهب من عودة الصين من قيود وإغلاق كورونا

الذي استمر لمدة ثلاثة سنوات، مما سيعزز من طلب الأفراد على الذهب في الأسواق الأسيوية ( شنغهاي وهونغ كونغ)

أنهى المعدن الأصفر العام الماضي بتراجعات طفيفة،

فقد بدأ العام الماضي بارتفاعات قوية

خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية ليقترب من المستوى التاريخي الذي سجله في 2020،

وسجل الذهب ارتفاعا بنسبة 5.85 بالمئة في الربع الأول من 2022، لكن هذه المكاسب

لم تستمر كثيرا وسرعان ما بددتها موجة تشديد السياسة

النقدية التي بدأها الفيدرالي الأميركي

في تطبيقها بداية من شهر آذار 2022 وبدأت موجة تراجعات قوية في الفصلين الثاني والثالث ( -6.6% و – 8.1% ).

استمر الفيدرالي في موجة تشديد للسياسة النقدية هي الأشد منذ الأزمة المالية العالمية في

2008 حيث قام برفع الفائدة في وقت قياسي من 0.25 بالمئة إلى 4.00 بالمئة خلال 6 اجتماعات متتالية،

وتسببت هذه الموجة في زيادة عوائد سندات الخزينة الحكومية إلى أعلى مستوى لها في 10 سنوات.

وكما هو معلوم فأنه كلما ارتفعت عوائد السندات تراجع الطلب على الذهب وذلك بسبب

أنه لا يحقق عائد ومكاسبه تكمن في التحوط وارتفاع الأسعار، وخسر الذهب 14.7 بالمئة خلال

الفترة بين آذار – أيلول 2022، ولكن سرعان ما عوض خسائره في الفصل الأخير

من العام 2022 وارتفع بـ 9.7 بالمئة في أخر ثلاثة أشهر من العام الماضي

ارتبطت هذه الارتفاعات للمعدن الأصفر بعوامل رئيسية مثل تراجع معدلات التضخم

في شهري أكتوبر ونوفمبر وبداية الفيدرالي في تخفيض وتيرة رفع سعر الفائدة في كانون الاول 2022،

والطلب المرتفع من الأفراد في سوق التجزئة وموجة الشراء القوية من البنوك المركزية

وبذلك أنهى الذهب العام قريبا من الأسعار التي بدأ بها.

هنالك علاقة قوية بين الذهب وسعر الفائدة والدولار الأميركي، فالمعدن الأصفر

يتم تسعيره بالدولار الأميركي للأونصة وتستحوذ بورصتي لندن وشيكاغو

على الحجم الأكبر من التداولات، وتتأثر أسعار الدولار باتجاهات السياسة النقدية الأميركية

وقرارات رفع أو خفض سعر الفائدة هذا الرابط جعل الذهب أيضا شديد الحساسية بسعر الفائدة نأخذ مثال لذلك:

خفض الفيدرالي الأميركي وتيرة رفع سعر الفائدة في اجتماع ديسمبر 2022 حيث قام برفع الفائدة

بـ 50 نقطة أساس بعد سلسلة من رفع الفائدة ب، 75 نقطة أساس خلال أربعة اجتماعات متتالية

(حزيران – تموز – أيلول – تشرين الثاني 2022) مما انعكس ذلك سلبا في أداء الدولار الأميركي الذي خسر 7.7 بالمئة خلال الفصل الأخير

من العام الماضي في المقابل سجل المعدن الأصفر مكاسب بـ 9.7 بالمئة خلال نفس الفترة

ومتوقع أن يستمر الفيدرالي في إبطاء وتيرة رفع الفائدة.

وتشير توقعات الأسواق أن الرفع القادم لسعر الفائدة هو 25 نقطة أساس

في اجتماع 1 شباط 2023 حسب رصد CME FedWatch وهي أداة تأخذ إشاراتها من حركة العقود الآجلة وعقود الخيارات

وتستخدم للتنبؤ بأسعار الفائدة في الاجتماعات القادمة، وتعتمد هذه الأداة على بيانات

وأسعار العقود الآجلة لمدة 30 يوم وهو عقد يستخدم للتحوط مقابل تذبذب أسعار

الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية، الاجتماع القادم للفيدرالي بعد 20 يوم من الآن والتوقعات هي

أن يقوم برفع الفائدة بـ 25 نقطة أساس ونسبة هذا التوقع هي 78 بالمئة

( قبل شهر هذا التوقع كانت نسبته 40 بالمئة فقط وكانت التوقعات

ترجح أن يقدم الفيدرالي على رفع للفائدة ب 50 نقطة أساس )

بالنظر لأداء المعدن الأصفر في الفصل الأول خلال السنوات العشر الماضية يظهر

تحقيقه لمكاسب ملحوظة في غالب السنوات وخسر مرتين فقط 2021 و2013

(-10% و -4%) بينما سجل مكاسب مستمرة في باقي الثمانية أعوام، أكبر مكاسب فصلية للذهب

للفصل الأول خلال الفترة بين 2013-2022 كانت في 2016 عندما سجل المعدن الأصفر

مكاسب بلغت 16% وعندها كانت البنوك المركزية تطبق الفائدة السلبية.

وكانت هناك مخاوف من ضعف نمو الاقتصادات الناشئة وبدأ الدولار في التراجع

وخسر 4.1 بالمئة في الفصل الأول من 2016 وكان مؤشر الدولار يتداول حينها

عند مستوى 94.30 (الآن 103.30)، هل سوف يكرر الذهب الأداء الجيد في الفصل الأول كما حدث في 2016؟

مع اختلاف الأوضاع الاقتصادية واختلاف السياسات النقدية مقارنة بالعام 2016 ولكن هنالك

بعض المشتركات مثلا يبدأ العام 2023 بمخاوف من ركود اقتصادي، وبدأ الفيدرالي

يبطئ من وتيرة رفع الفائدة في كانون الاول 2022 وذلك بعد أن تراجعت موجة

ارتفاع التضخم خلال آخر ثلاثة أشهر من العام الماضي. هذه عوامل مشتركة

قادت لارتفاع الذهب سابقا ومتوقع أن يستفيد الذهب منها الآن.

اقتربت مشتريات البنوك المركزية من الـ 700 طن من الذهب خلال الفترة بين

( كانون الثاني – أيلول 2022 ) وبلغت مشتريات البنوك المركزية 400 طن خلال الفصل الثالث من 2022

وأكبر مشتريات فصلية خلال 22 عاما، رفعت البنوك المركزية حجم الاحتياطي

من الذهب في 2022 إلى أعلى مستوى له منذ 49 عام إلى 36,782 طن، بحسب مركز الذهب العالمي.

ومن بين البنوك التي قامت بعمليات شراء الذهب: المركزي التركي الذي قام

بشراء 103 طن وكذلك المركزي المصري أفصح عن شراء 44 طن في الفصل الثاني من 2022.

ومن أبرز افصاحات البنوك المركزية بشأن شراء الذهب كان بنك الشعب الصيني

الذي قام بشراء 32 طن في تشرين الثاني 2022

و30 طن في كانون الاول 2022 ليرتفع

حجم الاحتياطي من الذهب إلى 2,010 طن وهذا هو أول إفصاح المركزي الصيني

منذ العام 2019. ونشير إلى أن حجم احتياطي الذهب لدى بنك الشعب الصيني كان 1,054 طن في 2009.

وفي نهاية كانون الثاني 2023 سوف ينشر مركز الذهب العالمي تقريره الشامل للذهب

للعام 2022 وعندها سوف تتوفر بيانات شاملة عن المشتريات الاجمالية للذهب

في العام الماضي وتشير التوقعات إلى ارتفاعات قياسية لمشتريات البنوك المركزية من الذهب في 2022.

لمشاهدة المزيد اضغط هنا

(سكاي نيوز)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى