اخبار محلية

امتحانات “الاختبار الوطني”.. بريفيه على قياس المدارس الخاصة

لا امتحانات رسمية للشهادة المتوسطة (البريفيه) هذا العام، إنما اختبار وطني موحّد ستجريه المدارس الرسمية والخاصة في صفوفها، بإشراف وزارة التربية التي ستضع الأسئلة وتوزعها صباحاً في وقت واحد على كل المدارس (بين تعليم رسمي وخاص)، وستوحّد معايير التصحيح، فيما يتولى أساتذة الصفوف المراقبة والتصحيح، وتصدر المدارس النتائج وترفعها إلى وزارة التربية. هذا ما أقرّه مجلس الوزراء أمس، على أن تنظّم امتحانات الثانوية العامة بفروعها الأربعة بصورة طبيعية، مع امتحانات خاصة لمن لم يتابعوا الدراسة حضورياً بسبب أوضاع أمنية نشأت في النطاق الجغرافي الذي تقع المدارس المسجلين فيها ضمنه. وستكون هناك أحكام خاصة بالمرسوم لتلامذة الجنوب، في انتظار جلاء صورة الوضع الأمني ليبنى على الشيء مقتضاه بقرار من وزير التربية.القرار ترك علامات استفهام كثيرة بين التربويين، ولا سيما أن «الدولة ستتكلف على امتحانات لن تكون ذات صدقية»، إذ إنّ قيمة «البريفيه» تحديداً أنها الوسيلة الوحيدة لمراقبة أداء المدارس الخاصة وأساتذتها من سلطة «موثوقة» هي الدولة، حتى لو كانت الشهادة الرسمية في وضعها الحالي لا تتجاوز ورقة عبور آمن وسليم من مرحلة إلى أخرى، وليست بالضرورة شهادة اكتساب معارف ومهارات. أما «الاختبار الوطني»، كما هو مطروح، فينسف هذه الوسيلة الوحيدة بسبب الفساد في المدارس الخاصة، وعمليات الابتزاز والمساومات التي يمكن أن تحصل مع الأهالي لإنجاح أبنائهم. وليس مضموناً أن لا يجري التزوير نفسه في قوائم التلامذة ولا سيما في المدارس التي لديها موافقات استثنائية وتعمل من دون تراخيص.
الثابت الوحيد أن لجان الامتحانات وكبار الموظفين في الوزارة سيحافظون على المكتسبات «غير الشرعية» عبر تقاضي التعويضات المالية الخيالية نفسها، بما أن الوزارة هي التي ستضع الأسئلة ومعايير التصحيح.

القرار كما صدر عن مجلس الوزراء يفتح الباب أمام سيل من الأسئلة: هل الهدف من هذه الامتحانات الإبقاء على هذه التعويضات، أم أن المرسوم لحظ إلغاءها؟ وكيف سيؤمّن التمويل لهذا الاختبار؟ وما دور دائرة الامتحانات الرسمية في وزارة التربية في هذا الإطار؟ وإذا كان الطلاب سيجرون امتحاناتهم في مدارسهم بمراقبة أساتذتهم، لماذا تكبيدهم رسوم الامتحانات والترشيح؟ وهل ستكتفي الوزارة بلوائح الطلاب المرشحين، أم سنشهد إرسال لوائح استثنائية في وقت لاحق؟ وهل أجرت وزارة التربية مسحاً للمدارس لمعرفة مدى جهوزيتها لتنظيم اختبار كهذا بما فيها المدارس – الدكاكين؟ ومن يضمن عدم تسريب الأسئلة بالنظر إلى العلاقة الوطيدة بين مصلحة التعليم الخاص في الوزارة وإدارات المدارس الخاصة؟ وكيف ستتأكد الوزارة من أن الأساتذة المصححين والمراقبين مؤهلون للقيام بهذه المهمة؟ وكيف يعالج الاختلاف في مستويات الأساتذة بين مدرسة وأخرى؟ وهل هناك إمكانية لوجستية لتوزيع المسابقات على نحو 2780 مدرسة بعدما كانت هذه العملية مراقبة ومضبوطة ومحصورة في نحو 300 مركز؟ وهل سئلت وزارة الداخلية ما إذا كانت هناك إمكانية لتوفير مواكبة أمنية لنقل الأسئلة وتأمين وصولها إلى هذا العدد الهائل من المدارس في الوقت نفسه؟ ومن يؤمّن سرّية نقل الأسئلة ويمنع تسريبها؟ وهل يعلم وزير التربية أن هناك رؤساء لجان للامتحانات يدرّسون في مدارس خاصة؟ كيف ستضمن الوزارة الشفافية في التصحيح إذا كان المعلمون سيصححون لتلامذتهم، ومن يمنع التواطؤ في ما بينهم لتأمين نسبة نجاح مرتفعة تستخدم في ما بعد للتسويق للمدرسة؟ هل هناك قدرة لوجستية لدى التفتيش التربوي للإشراف على المدارس ولا سيما الخاصة منها والتي لا تخضع في الأساس لرقابة التفتيش؟ ألا تساهم الامتحانات في تهريب التلامذة من الثانويات والمتوسطات الرسمية إلى المدارس الخاصة حيث يضمن الأهل بأن من يدفع ينجح؟

فاتن الحاج- الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى